خالد بن حمد المالك
إندونيسيا أكبر دولة تضم عددا من المسلمين البالغ عددهم 250 مليون نسمة تقريبا، وعلاقاتها بالمملكة على امتداد التاريخ، وتحديدا منذ استقلالها عام 1945م علاقات إيجابية، وتعززت أكبر بافتتاح سفارة المملكة في جاكرتا عام 1955م، وقبلها افتتاح السفارة الإندونيسية في جدة في العام 1948م، ومن الطبيعي أن تكون العلاقة بين الرياض وجاكرتا بهذا التميز الذي عبرت عنه مظاهر الاستقبال الشعبي والرسمي الذي تم للملك سلمان في زيارته لإندونيسيا، حيث الأخوة الإسلامية والعضوية المشتركة في كل من منظمة التعاون الإسلامي، وحركة عدم الانحياز، ومجموعة العشرين، ومنظمة الأمم المتحدة.
* *
جاءت أول إشارة عن عمق العلاقات السعودية - الإندونيسية ذلك الاستقبال الشعبي غير العادي للملك سلمان لدى وصوله إلى جاكرتا، وقد ازدانت الشوارع بالأعلام السعودية، وعبارات الترحيب، واصطف الطلاب وطالبات المدارس في جميع الطرق المؤدية من المطار إلى قصر الرئاسة (أستانا) ثم إلى مقر إقامة ضيف إندونيسيا الكبير، فضلاً عن حشود شعبية أخرى ليست منتمية للمدارس، خرجت لتقول أهلا بالملك سلمان في الدولة الإسلامية الأكبر على مستوى العالم الإسلامي، ما فُهم أن هذه الزيارة كانت لحظة تاريخية في عمق العلاقات بين الدولتين.
* *
وأمام هذا الاستقبال المهيب، عبر خادم الحرمين الشريفين عن شعوره بالسعادة، وقدم شكره للرئيس الإندونيسي جوكو ويدودو على حفاوة الاستقبال وكرم الضيافة، متمنيا أن تسهم هذه الزيارة في تعزيز علاقات البلدين الثنائية، وتحقيق أعمال وتطلعات الشعبين الشقيقين، وكان أول اجتماع ثنائي بين الملك والرئيس الإندونيسي عُقد في قصر استانا الرئاسي بالعاصمة جاكرتا تم خلاله استعراض العلاقات بين المملكة وإندونيسيا، بهدف الدخول إلى بحث أوجه التعاون، والمستجدات إسلاميا ودوليا، تلا ذلك كلمة للرئيس الإندونيسي في حفل الغداء الذي أقامه في اليوم الأول من الزيارة وفيها قال: إن الشعب الإندونيسي يعبر عن اعتزازه بهذه الزيارة التاريخية ومكانة المملكة الكبيرة والخاصة في قلوب شعب إندونيسيا.
* *
كان رد فعل هذا الاستقبال الرسمي والشعبي لزيارة خادم الحرمين الشريفين لإندونيسيا ما عبر عنه الملك من تمنيات بأن تسهم هذه الزيارة في تعزيز وتعميق العلاقات الثنائية بين بلدينا في جميع المجالات، وبما يحقق آمال وتطلعات شعبينا الشقيقين، دون أن ينسى الإشارة إلى كرم الضيافة وحفاوة الاستقبال التي قوبل بها والوفد المرافق له رسميا وشعبيا، بما لا يمكن للكلمات أن تفي بوصف حرارة الاستقبال، والاهتمام الذي أبداه المواطن الإندونيسي بقيام ثاني ملك سعودي بزيارة لإندونيسيا بعد مرور 47 عاما على زيارة الملك فيصل التي تمت في ظروف مختلفة عن زيارة الملك سلمان، فبينما كان الملك فيصل يواجه المد الشيوعي آنذاك، ويحذر من خطورته، ويستقطب الدول الإسلامية والعالم الحر لمواجهته، فإن الملك سلمان يحمل في أجندته تصديه القوي للإرهاب بكل أشكاله، ويدعو العالم إلى التعاون للقضاء عليه.
* *
الرئيس الإندونيسي أكد في جلسة المباحثات الموسعة التي عقدها مع خادم الحرمين الشريفين وبحضور وزراء البلدين استعداد بلاده لأن تكون شريكا استراتيجيا للمملكة في تحقيق أهداف رؤية المملكة، وزاد على ذلك بالتأكيد على عمق العلاقات القائمة بين المملكة وإندونيسيا، وحرص بلاده على تعزيزها في مختلف المجالات، بما يحقق المصالح المشتركة للشعبين الشقيقين، أما الملك سلمان فقد وصف إندونيسيا بأنها بلده الثاني، واستذكر زيارات الرئيس الإندونيسي للمملكة عام 2015م التي اعتبرها فاتحة لآفاق جديدة في العلاقات بين الدولتين الشقيقتين، وأضاف بأن التحديات التي تواجه العالم وفي مقدمتها ظاهرة الإرهاب، تحتم علينا تعميق الحوار، وتكثيف الجهود لمواجهة هذه التحديات، وأن تكون علاقاتنا وتطويرها على أسس راسخة ومتينة لتسهم إيجابا في معالجة الأزمات، والقضايا الإقليمية والدولية، وتعزيز التعاون بين الدول الإسلامية، بحيث يقوم على مبدأ حسن الجوار، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، وحل النزاعات بالطرق السلمية، وأن إندونيسيا تستحق التقدير على مواقفها في دعم التضامن الإسلامي، ودعم الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة.
........ يتبع