سعيد الدحية الزهراني
تُعَدُّ سِمَة السرعة إحدى أهم السمات الارتكازية لبيئة الاتصال الإلكتروني.. ما يعني أننا أمام سمة محورية أفاد من خلالها الحقل الإلكتروني الاتصالي في الاتجاه الموجب خصائص وميزات عديدة أكسبته فرادة تفتقر إليها أشكال الاتصال التقليدية.. والحديث هنا لا ينحصر ضمن إطار اتصالي محدد بل يشمل أشكال الاتصال المختلفة ومستوياتها، بعد أن تهاوت المحددات وذابت الهويات.. في نتيجة بالغة الأهمية تنضوي بصورة أو بأخرى ضمن عباءة سمة السرعة.
الاتجاه القائم نحو استهداف معامل السرعة في بيئة الاتصال الإلكتروني عبر مواقع التواصل الاجتماعي يظهر بجلاء من خلال موقعي تويتر وانستقرام اللذين جسدا الاستجابة الوظيفية للاستخدام القائم على شرط البيئة الرئيس، وهو السرعة وفعلها المستمر التسارع.. فحين يقرر تويتر حجم المشاركة في رسالة نصية حدودها 140 حرفاً.. فهذا يشير إلى تحقيق شرط الوصول بسرعة.. من حيث الفكرة ومن حيث الانفعال ومن حيث الإنتاج ومن حيث التفاعل ومن حيث الانتشار.. الأبعد من هذا حين يولد جنس اتصالي اجتماعي كامل معتمداً على الرمز والرمز فقط.. وهو ما اعتمده موقع انستقرام النامي والمتنمامي بسرعة رهيبة.. في صورة تذهب إلى آخر حدود السرعة من حيث هي تذهب في حقيقة الأمر إلى المبتدأ الأولى في عملية الاتصال والتواصل البشري القائم على الرموز والإشارات، أي مرحلة ما قبل التدويني أو الكتابي وفق ما جاء في «ظل الروح» قبل أسابيع..
وكل هذه الاختزالات وما تحمله بين طياتها من مكتسبات إيجابية في نواحٍ معينة.. تحمل في نواحٍ أخرى عللاً وقبحيات و(أخطاراً) ضمنية تنعكس سلباً على مستويات متعددة..
أحد أهم الأخطار الذي تتحدث عنه الدراسات هو مشكلة ضعف التركيز على موضوع معين لفترة كافية.. وهذا يعني في النهاية ضعف القدرة على الإنجاز في الحياة العملية.. أو القدرة على الإنجاز الإبداعي.. حسبما يقوله أستاذ في كلية الطب في جامعة هارفارد الأمريكية ورئيس مركز دراسات يركز على «الإعلام وصحة الأطفال» في بوسطن.. فإن عقول الأطفال التي تنمو مع التكنولوجيا تتكون بشكل مختلف يجعلها غير قادرة على التركيز وذات نشاط عصبي متعود على الانتقال بسرعة من شيء إلى آخر بلا توقف.. وهو أمر تغذيه التكنولوجيا تدريجياً حتى يتحول إلى إدمان مسيطر على عقل الإنسان..
لقد تعاظمت أهمية شبكات التواصل الاجتماعي.. وكذا خطورتها في التأثيرات القوية والسريعة التي تحدثها على مستخدميها.. خاصة النشء والشباب.. ورغم الفوائد المتنوعة.. والإيجابيات العديدة التي يحققها التواصل الإنساني عبر هذه الشبكات سواء على المستوى الفردي.. أو على المستوى المجتمعي.. فإن هناك العديد من السلبيات والكثير من المخاطر التي تنجم عنها.. تصل خطورة بعضها إلى حد تهديد أمن المجتمع والإخلال باستقراره.. وفق ما يورده خبراء البيئة الاتصالية الجديدة مثل الدكتور عمار بكار ورحيمة عيساني وغيرهما..