علي الخزيم
شرطة منطقة الرياض تحرر الرهائن وتضبط مُحتجزهم بغرب العاصمة، هذا الخبر نشرته صحيفة الجزيرة صباح الخميس 23 فبراير، لو كان الحدث في بلد آخر لشاهدنا تغطيات متلفزة، وعناوين بارزة بالألوان على صدر الصفحات الأولى بتلك البلاد، ذلكم لأنهم يقدرون الإنجازات الوطنية بقدر أو بمفهوم أقوى مما ندركه كما يبدو لي، أو هذا هو تقديري على الأقل، حدثٌ مثل هذا يحمل مضامين متعددة ومهمة، منها ان لدى بلادنا ولدى وزارة الداخلية كوادر عالية التأهيل، وقيادات تدرك أهمية العمل والوقت والإنجاز وأمانة المهنة، (أتحدث عن العموم ومن شذ عن القاعدة فهو استثناء لا يُعتد به)، بين فترة وأخرى يُثبت رجال أمننا الأبطال انهم على قدر الوعي والمسؤولية والأمانة والوطنية، والإشادة بهم حق مشروع لهم وواجب على كل متابع تهمّه مصلحة وطنه وإخوانه المواطنين والمقيمين عندنا كونهم ضيوفاً وإخوة وأصدقاء، لو شاهد أحدنا الخبر على فضائية أجنبية لرفع حاجبيه إعجاباً وتقديراً للجهد والعمل الناجح، بل ربما علق أحدهم بقوله: (انظر لهؤلاء المُتمرِّسين المُدَرَّبين؛ ليت عندنا مثلهم)! أجل؛ عندنا من يبارونهم ويتفوقون عليهم، أبطالنا أشاد بهم خبراء العالم بمكافحة الإرهاب، واستفادوا من تجاربهم، غير أن بعض العيون لا تتابع سوى شاشات أجنبية تُبرز انقاذ قطة سقطت بحفرة أو علقت بأعلى شجرة، وهذا جيد لكن لا يعني تجاهل انجازاتك المحلية، هذه النظرة وهذا التغاضي والتجاهل هو ما يوحي لصاحب الرشاش المُعْتدي على أسرته بأن سلطات الأمن غير قادرة على الإحاطة به، فينخدع بهذه النظرة المتعالية حتى يأتيه اليقين العاجل الحاسم، لأنه في بلد الأمن الوارف، والحزم والعزم الدائم بإذن الله.
ومن مضامين الخبر ما يشير إلى أن تفكير البعض كهذا الجاني واعتقاده -جهلاً- بأن الأمور والخلافات العائلية لا تُحل إلا بقوة السلاح الناري، ولم يدرك أن الكلمة الطيبة الصادقة أقوى من كل سلاح، ولم يعلم أن البشر بمن فيهم هو خطاؤون ومعرضون للزلل، ولم يعلم - أو لا يريد أن يعلم - أن للقضايا والمشكلات حلولاً تبدأ من الأسرة ومحيطها العائلي، فإن لم تفلح فالدوائر الرسمية والمحاكم مفتوحة لإعادة الأمور إلى نصابها، والمسيء ينال جزاءه، فمن غير المنطقي والمعقول أن يعمد كل إنسان إلى سلاحه عند أدنى خصومة أو حتى أقوى خلاف والعاقل خصيم نفسه، فكما أن لك رأياً فللآخرين آراء ووجهات نظر يجب ان تُحترم وذلك بالتفاهم الخلَّاق والنقاشات الودية وحل كل مُشكل بمنطق العقل في إطار الأنظمة والقوانين، وليعلم مثل هذا أننا ببلد الأمن والشرع والخير والحزم والنظام والقانون، وأن خيارنا من يريدون الخير لأهلهم، ومن يحد عن الصراط فله علاج بالتأكيد هو غير الرشاش والسواطير والطلقات النارية والاحتجاز، والتَّقوِّي على نساء عزل بينهن الزوجة والابنة، فهذه - وايم الله - ليست من شيم المسلمين والعرب، وكل مسالم مُنْصف يحمل عقل وقلب إنسان.
تأملوا الخبر بتفاصيله ومضامينه وما يحمله من مؤشرات على قدرات رجال الأمن البواسل.