سمر المقرن
الحياة حالة تستحق التأمل، جميلة هي بكل تقلباتها، حتى وجعها وآلامها ذات طعم جميل إذا ما تفوق الإنسان على نفسه.. على خضوعه.. حالة الانتصار لها مذاق لذيذ، الانتصار على كل المنغصات التي تبعث الألم. الحياة بطبيعتها مستمرة، لا تتوقف عند أي موقف، عند أي شخص، عند أي هزة، قد تختلف طبيعة البشر في التعامل معها، هناك الشخص الضعيف الذي تتوقف حياته عند بعض المواقف أو عند رحيل أشخاص، رحيلهم إلى الدار الآخرة، أو رحيلهم عن حياته وهم مستمرون على قيد الحياة. الحياة لا تذهب مع الراحلين، الحياة تستمر لأن هذه هي طبيعتها، وطبيعة الإنسان أن يتأثر، أن يتألم، لكن هذا التأثر له وقت محدود وعمر قصير ينبغي له أن يتجاوزه ليعيش الحد الأعلى من السعادة في هذه الحياة القصيرة.
طبيعة الحياة وماهيتها، الوجود الإنساني المنظم بحكمة الله -عز وجل- الفكرة ذاتها التي تختلف من منظور شخص متفائل وشخص متشائم، فكرة الخطأ والصح، التفاوت الكبير في هذه الفكرة من شخص لآخر، من طبيعة الإنسان نفسه ومدى تأمله للحياة. فكرة الموت وكيف يراها الأشخاص، هناك من تتعطل حياته لأنه يدرك بأنه سيموت، وهناك من يبني حياته لأنه مؤمن برسالته ومؤمن بأنه يجب أن لا يموت دون رسالة. الحياة ضد الموت، الحياة معناها أن نعيش، أن نستمر، أن نحقق طموحاتنا وأحلامنا، أن نبني جداراً متيناً من المعرفة والوعي والإدراك لكل ما يحيط بنا، الموت قادم لا محالة، لكن جعله قريباً من الذهن يُلغي لذة الحياة، الإيمان بالموت هو اليقين الوحيد الذي لم يختلف عليه الناس مهما كانت أفكارهم وتوجهاتهم وأديانهم، لكن ربطه بأنه قريب في الحياة فإن هذه فكرة تشاؤمية تبعث على تقليص كثير من النجاحات والطموحات التي يحققها الإنسان لنفسه ومجتمعه.
أقول هذا لأن هناك شريط طويل من الأحداث والشخصيات التي مرّت علي وشاهدت حالة تعطل الحياة لديهم، إما بسبب فراق أحبة، أو بسبب التفكير الهوسي بالموت، وجذب الأفكار المتشائمة التي تُفسد هذه المتعة!
الحياة جميلة وتستحق أن نستمر بها، ونعيشها، ونستمتع بوجودنا.. ونتأملها أكثر.