سعد بن عبدالقادر القويعي
لم تعد إيران الملالي تجد أي خجل في الإعلان عن تنامي دورها في العراق، وسوريا؛ لإدراكها أهمية الدولتين الإستراتيجية، واعتبارهما بوابة مهمة للدخول إلى المنطقة العربية؛ كونهما تقع في عمق إقليم الشرق الأوسط، ومن خلالهما يتحقق التواصل الملائم لإيران مع حلفائها في باقي دول المنطقة، -إضافة- إلى أن الموقف الرسمي الإيراني يتجلى في خدمة الاستراتيجية الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط، وهو ما أكده قائد الحرس الثوري الإيراني في محافظة قم -العميد- غلام رضا أحمدي في تصريحات -قبل أيام-، التي تأتي في إطار تبرير استمرار التدخل العسكري في سوريا، والعراق، بأن: «المرشد الأعلى الإيراني استطاع بحكمته أن ينقل خط المواجهة بين إيران، وأمريكا -اليوم- إلى حلب، والموصل، وسامراء».
لا أستذكر المصادر في بعض ما كتبته من مقالات، وما وصفته بالتشخيص الدقيق حول دور إيران في تحريك الأحداث، والتأثير فيها؛ إذ لم يعد غريبًا سعي إيران؛ لفرض مخططها الشيعي الصفوي في المنطقة العربية، بعد أن نجحت في إيجاد بيئات خصبة لمدها الصفوي في بعض الدول العربية؛ وحتى أصبحت ساحة حرب مشتعلة؛ نتيجة التزاوج بين العقيدة الدينية بتأويلها الإيراني، والمشروع القومي الإيراني، الذي يهدف إلى تغيير الهوية، والاستحواذ، وتحقيق أهدافها العقائدية، والاستراتيجية، والمتمثلة في امتلاكها قوة نووية رادعة أمام تكتل عربي محتمل.
مع عمق التحديات الجارية، وتأثيرها الكبير على واقع الأحداث في الدولتين العربيتين، وبعيداً عن النبرة الاحتفالية في الخطاب السياسي الإيراني، فإن حقيقة الطموح الإيراني فى التدخل في العراق، وسوريا، واليمن، ولبنان، والبحرين، كان نتاجا لمتغيرات داخلية، وإقليمية، ودولية مهدت الطريق لهذا الدور، وهو دور مؤثر في مجريات الأحداث على أرض الواقع، وما آلت إليه تطورات الربيع العربي بملامح هذه الرؤية، التي تتكامل بمرور الوقت، -خصوصًا- وأن مستويات التغيير جارية، وأبعاده قائمة، وملامحه تتجلى يومًا بعد يوم.
هذه التدخلات لا تحتاج إلى دليل، أو برهان، إذ لهذا المشروع دوافعه، وأشكاله، وأدواته التأثيرية كمحتل حقيقي للعراق، وسوريا، وحالة الصراعات اللا متناهية الدائر رحاها -اليوم-، التي خلفت عراقًا، وسوريا ممزقاً، ومهترئاً. ومع كل ما سبق، فإني أتفق مع -الأستاذ- تركي مصطفى، بأن إيران دولة هشة، ذات بناء عمودي، بينما تشكل أفقيًا حالة من الفراغ، وعندما تتوقف الحرب تنهار تلقائيًا، وهذا ما تدركه واشنطن، وموسكو في تعاطيهما مع دولة الملالي، التي ستكون الثورة السورية نهاية لاستطالتها، وعدوانها المستمر على الشعب العربي.