خالد بن حمد المالك
بدأ الملك سلمان زيارته لإندونيسيا، وما زلت أواصل الكتابة عن زيارته لماليزيا، إذ إن الأيام التي تفصل بين الزيارتين ليست كافية لنشر كل انطباعاتي عن زيارة خادم الحرمين الشريفين لماليزيا قبل البدء بزيارته لإندونيسيا، وهو ما يعني أنني لن أبدأ في نشر انطباعاتي عن الزيارة الملكية لإندونيسيا إلا بعد أن أستكمل بهذه الحلقة، والحلقة الرابعة التي تُنشر غداً حول ما كتبته عن المحطة الأولى من زيارات خادم الحرمين الشريفين للدول الآسيوية، وأعني ماليزيا بالمحطة الأولى.
* *
ففي اليومين الثاني والثالث من زيارة الملك سلمان لماليزيا حدثت تطورات إيجابية كثيرة باتجاه تعميق العلاقة الثنائية بين الدولتين، فقد أخذ الزعيمان بمجموعة خطوات مهمة في سبيل تفعيل الشراكة بين الرياض وكوالالمبور، وفي منحى آخر لإظهار حجم التقدير الماليزي غير العادي للضيف الكبير، تمثِّل ذلك في أوسمة وشهادات دكتوراه مُنحت للملك.
* *
وقد سبق التقدير الشخصي للملك سلمان، ومباحثاته مع رئيس الوزراء الماليزي، والتوقيع بحضوره على مجموعة اتفاقيات لتعزيز الشراكة القائمة بين الدولتين بقوله: أنتهز فرصة زيارتي لقصر رئيس الوزراء في ماليزيا الشقيقة لأعبر عن اعتزازي بما حققته ماليزيا من تقدم ورقي، وما وصلت إليه العلاقات بين بلدينا من تطور في جميع المجالات، وأتطلع أن تسفر زيارتي لماليزيا عن نقلة نوعية في مسار العلاقات بين البلدين.
* *
فبعد المباحثات بين الملك سلمان ورئيس الوزراء محمد نجيب عبدالرزاق في قصر رئيس الوزراء، تم التوقيع على أربع مذكرات تفاهم بين الدولتين، تتعلق الأولى بالتعاون في المجال التجاري والاستثماري، والثانية في مجال العمل والموارد البشرية، أما الثالثة فكانت حول التعاون في المجال العلمي والتعليم، وكانت الرابعة خاصة بالتعاون بين وكالة الأنباء السعودية ووكالة الأنباء الماليزية، وقد تم التوقيع عليها بحضور ومباركة الملك سلمان ورئيس وزراء ماليزيا.
* *
وجاء التقدير العالي للملك سلمان، وتثمين الدور الكبير لإسهامات خادم الحرمين الشريفين، في خدمة العلم للإنسانية جمعاء، بأن منحت جامعة (مالايا) شهادة الدكتوراه الفخرية في الآداب في حفل مهيب، قدمها له السلطان ناظر بن معز الدين شاه، وهذه الجامعة هي إحدى أعرق الجامعات في العالم، وأول جامعة تم تأسيسها في ماليزيا، وهي كما قال عنها الملك سلمان: إنها أحد مراكز الإشعاع المعرفي في المجال التنموي بالعالم، حيث أسهمت - كما قال - في تقدم ورقي ماليزيا وغيرها من الدول.
* *
ومثلما فعلت جامعة (مالايا) بمنح شهادة الدكتوراه الفخرية في الآداب للملك سلمان، فقد كنا على موعد في اليوم الثالث من زيارة خادم الحرمين الشريفين لماليزيا مع حفل بهيج آخر أقامته الجامعة الإسلامية العالمية في ماليزيا، تم فيه منح درجة الدكتوراه الفخرية أيضا للملك سلمان في العلوم السياسية (خدمة الإسلام والوسطية)، وكذلك جائزة الإنجاز الفريد المتميز في خدمة الإسلام والأمة الإسلامية، وقبل تسلمه شهادة الدكتوراه والجائزة، قال السلطان أحمد شاه في كلمة له: إن الجامعة تفخر بخادم الحرمين الشريفين وإنجازاته العظيمة، بينما قال الملك سلمان: إن على الجامعات في العالم الإسلامي مسؤولية رفع مستوى ووعي الشباب، وتحصينهم بالعلم والمعرفة ضد أفكار الغلو والتطرف.
* *
وكانت الاتفاقية الأهم التي تم توقيعها بين أرامكو السعودية و«بتروناس» الماليزية بامتلاك أرامكو 50 % من حصة الأخيرة بحضور خادم الحرمين الشريفين ودولة رئيس وزراء ماليزيا، وهو مشروع مشترك لمجمع للتكرير والبتروكيماويات، وقد عَدَّهُ وزير الطاقة والصناعة والثروة المعدنية المهندس خالد الفالح أكبر قيمة إضافية لصادرات المملكة النفطية، ضمن السعي للتوسع في الأسواق العالمية، ومن ضمنها الأسواق الواعدة في جنوب شرق آسيا ومنها ماليزيا الشقيقة.
* *
وكان منتدى الأعمال السعودي - الماليزي ضمن فعاليات النشاط الاقتصادي في البرنامج المصاحب للزيارة الملكية، وقد قال وزير التجارة والاستثمار الدكتور ماجد القصبي في كلمة له قرأها بالنيابة عنه محافظ الهيئة العامة للمنشآت الصغيرة والمتوسطة الدكتور غسان السليمان إن المملكة ستواصل البرامج لاستقطاب الاستثمارات النوعية بالدول الشقيقة والصديقة في القطاعات الاقتصادية المختلفة، وبعد اختتام المنتدى تم التوقيع على سبع مذكرات تفاهم باستثمارات في المملكة تصل قيمتها إلى أكثر من 8 مليارات ريال.
* *
والملك سلمان هو ثالث ملك سعودي يزور ماليزيا فقد زارها من قبل الملك فيصل عام 1970م، وزارها الملك عبدالله عام 2006 م، ولا ينبغي أن ننسى أن ماليزيا حليف استراتيجي للمملكة، بدليل انضمامها إلى قوات التحالف في عاصفة الحزم لإعادة الشرعية في اليمن، وكذلك مشاركتها في المناورات العسكرية الضخمة المسماة «رعد الشمال» التي جرت في مدينة الملك خالد العسكرية في حفر الباطن، مما يؤكد تطابق وجهات النظر بين الدولتين والتنسيق المستمر اقتصادياً وسياسياً وأمنياً وفي جميع المجالات.
(يتبع..)