محمد آل الشيخ
قامت السلطات الأمنية اليقظة بالقبض على أحد الدعاة، بعد أن أثبتت التحريات والاستقصاءات الأمنية، أن هذا (الداعية) كان داعشيا صرفا، وأن تستره بالدعوة، وأحيانا نقده الدواعش نقدا حادا، لم يكن سوى (ذرا للرماد في العيون) ليوهم الرعاع وبالذات المغفلين منهم، أنه يعمل لتكون كلمة الله هي العليا.
هذا الإرهابي كان من كبار المحرضين على الكُتاب الوطنيين - وقد شرّفني بذمه في تغريدة له - متذرعا بأننا معشر الكتاب (ضد الإسلام)، ودعاة فجور وانحلال، كما هو أسلوب الدعاة السروريين، فقد كان مثل أقرانه يستغل الدين وقيَمه ومجتمعنا المحافظ لتشويه سمعة من يقف في طريقهم ويتصدى لمناهجهم الثورية الهدامة؛ ففي معاييرهم كل من اختلف معهم، أو مع إرهابهم، أو وقف ضد توظيف صدقات المسلمين، وزكواتهم لتمويل العمليات الإرهابية، فهو لا يقف ضد هؤلاء المرائين الانتهازيين، وإنما يقف ضد الإسلام، وكأنهم هم فقط المسلمون. وكان الداعشي الأفاك من أشهر من وقف بشراسة، وأغلظ في القول، إلى درجة تهديد الحكومة بشق عصا الطاعة، ضد الترفيه والاحتفالات الغنائية، وكثيرون - للأسف - كانت تنطلي عليهم مسرحياته، فيجلونه، ويثنون عليه، وعلى تغريداته (الجريئة)، لنصرة الدين وإنكاره للمنكر، غير أنه كان في الواقع يسوّق لنفسه، ولإيديولوجيته السرورية التخريبية، و بعد أن شعر أنه انكشف، وتظافرت الأدلة على أنه داعشي اتخذ من الإنكار على هيئة الترفيه مهربا، ليوهم البسطاء السذج أن قضيته ليس نصرة وتمويل داعش، وإنما لإنكاره للغناء والمعازف.
وأنا منذ أن ابتدأت الكتابة الصحفية بشكل دوري، وأنا أُحذر من الحركيين الحزبيين، وبالذات من جماعة الأخوان وربيبتهم (جماعة السرورين) المتسترة بمظهريات السلف؛ السبب أن تلك الجماعتين على وجه التحديد تستغل الإسلام وقيم الإسلام لتحقيق أهداف سياسية خالصة، لذلك تجد أن كل (تكتيكاتهم) الحركية ودعواتهم لا تكترث بالعقيدة ولا صفائها إلا بالمقدار الذي يواكب تطلعاتهم وأهدافهم السياسية. ولعل مساندتهم واحتفالهم لما سموه زورا وبهتانا (الربيع العربي)، وتصفيقهم لاحداثه، وتبجيلهم لرموزه، يشير بمنتهى الوضوح الى أنهم ليسو طلاب دين، وإنما طلاب سلطة سياسية. ويكفي أي باحث ليتأكد مما أقول أن يعود إلى تسجيلات ماتزال في (اليوتيوب) بالصوت والصورة لكبار دعاتهم، يدعون فيها للثورة على رؤوس الأشهاد، ويرفعون من شأن أحداث الربيع العربي، وأنه ربيع للشعوب، وخريف للحكومات كما قال أحدهم.
وختاما أقول : سقوط هذا الداعية الداعشي ذكرني بمقولة قالها «صلاح الصاوي» أحد كبار الإخوان المسلمين في كتابه (الثوابت والمتغيرات في العمل الإسلامي)، مبيحا للمتأسلمين أن يُنفذ فريق منهم العمليات الإرهابية، ويُنكر عليهم فريق آخر، لأن ضرورات العمل الإسلامي تبيح هذا الرياء والنفاق وغش عامة المسلمين. الداعية الداعشي المقبوض عليه مؤخرا مارس هذه النصيحة بحذافيرها.
وأنا على يقين أن هذا الداعشي المقبوض عليه لن يكون قطعا الأخير، فهناك كثيرون يمارسون ذات الدور الذي كان يمارسه، يُظهرون أنهم ضد الدواعش في العلن، ويدعمونهم ويدعمون حركتهم من تحت الطاولة، وفي جناح الليل، وليس لدي أدنى شك أن الإطاحة بهم من قبل السلطات الأمنية في المملكة، وفضحهم، وكشف نفاقهم، آتية لا ريب فيها، فالقضية قضية وقت ليس إلا.
إلى اللقاء