زكية إبراهيم الحجي
نردد دائماً أن التعليم والبحث العلمي والثقافة من أهم مكونات رأس المال البشري.. وثمة إشارات متعددة وواضحة أن اقتصاديات العولمة تعتمد إلى حد كبير على العقول البشرية المتعلمة المدربة والمبدعة في مضمار تنافس جاد وبمشاركة فاعلة من أبناء المجتمع الواحد وذلك لتقوية منظومة إنتاج المعرفة وتحقيق مشروعات النهضة التنموية وتعميق الانتماء الحضاري.
وليس هناك أدنى شك.. بأن للكفاءات الوطنية ذوي المهارات العالية دوراً هاماً وفعالاً في حركة تنشيط التنمية المستدامة بأبعادها البشرية والاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية فهم يشكلون العمود الفقري لبناء المجتمع كي يكون قادراً على مواجهة كل تحديات التنمية المستدامة في زمن العولمة والمملكة العربية السعودية تزخر بكفاءات عالية ومبدعة في مجالات متعددة..كالطب والهندسة وغير ذلك من المجالات الحيوية.. ولنا الفخر بأن يكون الوطن منارة مشرفة عربياً وعالمياً.. ولنا الفخر لما يقدمه ثلة من أبنائه ممن يعيشون خارجه من إسهامات عالمية عظيمة في الطب والهندسة وعلوم الفضاء والمجالات العلمية شديدة التخصص والتعقيد وإسهامات في مجال الهندسة والتصميم المعماري
غادة المطيري.. مشاعل الشميمري.. شهد العزاز.. نايف الروضان وغيرهم كثر أسماء عالقة بالذاكرة.. خطت خطواتها الدراسية الأولى في الوطن وواصلت المشوار إلى أن أتيحت لهم فرصة متابعة الدراسة خارج الوطن سواء في أمريكا أو غيرها من دول العالم فأثبتوا قدرة عظيمة وجدارة فائقة في الوصول للعالمية والشهرة الدولية من خلال تخصصاتهم الدقيقة ساعدهم في ذلك توفر المؤسسات البحثية القادرة على احتواء مثل هذه الطاقات المبدعة كذلك الجو العلمي الملائم إلى جانب إنسيابية حركة البحث العلمي نظراً للدعم المادي الكبير المقدم لهم لتمويل أبحاثهم مما يحفزهم على مواصلة البحث والتطوير وزيادة الخبرة.
السؤال.. ترى أما آن الأوان لدعوة هذه العقول المتميزة عالمياً في مجالات الريادة العلمية كي تعود إلى الوطن لتسهم إسهاماً فاعلاً في حقل المعرفة والإنتاج العلمي والمشاركة في إجراء البحوث والدراسات الفردية والمشتركة ومشروعات التنمية؟.. أليس للوطن حق عليهم ليردوا الجميل إليه ويشاركوا في رفع قواعد الإنجاز التنموي للوطن؟.. لابد لكل طير مهاجر أن يعود يوماً ما إلى وكره ومهما طال اغتراب الإنسان عن أرضه وثرى وطنه، فالحنين والشوق يبقى أقوى؛
الوطن يعيش اليوم مرحلة تحول من خلال تبنيه «رؤية المملكة 2030» لتكون منهجاً وخارطة طريق للعمل التنموي في المملكة فحري بهذا الوطن الكريم المعطاء أن يسعى لشحذ روح الحس الوطني في نفوس من اغتربوا عن وطنهم الذي دفع ثمناً باهظاً خصماً من قدراتهم العلمية والفكرية والإبداعية ليصب في شرايين الدول التي هاجروا إليها بينما تنمية الوطن في أمس الحاجة لمثل هذه العقول العلمية لذلك فحتى لا يخسر الوطن عقولاً رائدة عالمياً لابد من توافر العوامل الجاذبة لهم.. بيئة محفزة للبحوث العلمية مع امتيازات اقتصادية لتمويل بحوثهم.. مساحة حرية كافية للتواصل مع الجامعات العالمية ومراكز الأبحاث الدولية.. إنشاء مؤسسات مستقلة وخاصة بالكفاءات الوطنية وترتكز على قاعدة بيانات تمكنهم من التواصل وربط بعضهم ببعض إضافة إلى الاستعانة بهم في الجامعات والاستشارات والمشروعات التنموية التي يسعى الوطن لتحقيقها من خلال رؤية المملكة «2030».