أ.د.عثمان بن صالح العامر
الثلاثاء الماضي استقبل خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود في مقر إقامته في العاصمة الماليزية كوالالمبور، نخبة من الطلبة السعوديين المبتعثين إلى مملكة ماليزيا، والطلبة الماليزيين خريجي الجامعات السعودية، ووجّه- حفظه الله- خلال الاستقبال كلمة قال فيها: «أنا سعيد أن أراكم وأوصيكم بأن:
* تدرسوا دراسة كاملة.
* أن تعرفوا أنكم من بلاد قبلة المسلمين.
* تكونوا قدوة جيدة لمن يراكم في هذه البلاد.
* تكونوا عند حسن الظن.
* تخدموا بلادكم، ومن خدم بلاده والحرمين الشريفين، يخدم الإسلام والمسلمين.
وأرجو لكم التوفيق إن شاء الله».
لقد بيّن ملك العزم والحزم لهؤلاء المبتعثين أن رؤيتهم وهم ينهلون من مناهل العلم في بلاد العالم المختلفة شرقها وغربها مبعث سعادة له -حفظه الله- وللشعب السعودي من بعده، وفي ذات الوقت ذكّرهم - في وصية ثمينة ليست للمبتعثين في ماليزيا فحسب، بل لكل مبتعث في أي دولة كان- أقول إنه -حماه الله- ذكّرهم بالمهمة التي ندبوا لها والأمر الذي جاءوا لهذه البلد أو تلك من أجله، ليصرفوا جهدهم ويقضوا وقتهم في العكوف على دروسهم حتى يعودوا لبلادهم مسلحين بالعلم الرصين والمعارف التخصصية الدقيقة، كما أنه- رعاه الله ونصره- ذكّرهم بمن هم وما هي هويتهم التي يجب عليهم المحافظة عليها والافتخار بها، إنهم من بقعة مباركة، من الأرض الطيّبة التي هي مهبط الوحي وبلاد الحرمين الشريفين وقبلة المسلمين، وهذا يعني أن الانتماء للمملكة العربية السعودية يوجب على المبتعث أن يعكس صورة الإسلام الحقيقية بأخلاقه القرآنية، وحسن تعامله مع الجميع وجديته في الحياة.
إن المواطن السعودي المفترض فيه أن يكون قدوة لغيره من المسلمين في أي أرض يحل بها، فشرف المكان يملي عليه أن يرتسم سيرة رسول الله- صلى الله عليه وسلم- في سلوكه الحياتي، وهذا تأكيد منه للخصوصية التي يحاول بعض الكتّاب إلغائها من الذهنية السعودية، معتقداً أننا مثل غيرنا من البلدان، وغاب عن باله ما يكنّه المسلم من مشاعر فياضة لهذه البلاد وأهلها تجعله يتمنى أن يكون من وفود الرحمن لهذه الأماكن المقدسة التي يراها ويهوى فؤاده الظفر برحلة المجيء إليها.
إن حسن الظن بكل مبتعث هو الأساس لدى قيادتنا الحكيمة، فكونوا كما يظن بكم محافظين على هاتين الوصيتين الغاليتين من لدن مقام خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز -نصره الله- ولا يغيب عن بالكم أن عودتكم إلى بلادكم وخدمة أهلكم هو في حقيقته خدمة للإسلام والمسلمين، فالمملكة العربية السعودية ليست قبلة المسلمين الحسية فقط، بل هي اليوم قبلة معنوية كذلك لكل المسلمين، يولون لها وجوههم وأفئدتهم وعقولهم نظراً لما تحتله من مكانة ومنزلة عالية في خارطة التحركات العالمية ذات المساس المباشر بمستقبل الصراع الدولي الذي لا يخفى.
إن الواجب على كل مبتعث بل على كل سفير لبلادنا في الخارج أن يعي هذه الوصية الغالية ويلتزم ببنودها، فهي وإن كانت محدودة الكلمات فإنها عميقة المعاني قوية المغزى، ومن سلمان بن عبد العزيز- حفظه الله ورعاه- ودمت عزيزاً يا وطني، وإلى لقاء والسلام.