رقية سليمان الهويريني
حقق اللاجئ عبد الرحمن كتناني في مخيمٍ للاجئين في بيروت نجاحاً مذهلاً في مجال المشغولات الفنية وصنع تماثيل من الخردة، مثل الأسلاك الشائكة وألواح التسقيف، وغيرها من الأدوات التي تستخدم داخل المخيم. وتُباع أعماله في مزادات بأسعار تصل إلى 20.000 دولار، ويرفض مغادرة المخيم والانتقال لحياة مرفهة، فهو يستلهم أعماله من حياة اللاجئين البسيطة وذكرياتهم فيها.
وصمم الشابان السوريان اللاجئان في لبنان إبراهيم وعيسى، جهازاً للتدفئة يعمل على الطاقة الشمسية باعتماد إعادة تدوير بقايا القمامة لتأمين التدفئة مجاناً للعوائل اللاجئة في لبنان. وكذلك يقطع اللاجئ السوري المعاق حركياً محمد حرب يومياً عدة كيلومترات داخل مخيم الزعتري في الأردن باستخدام وسيلة نقل ابتكرها بنفسه. ولم تقف إعاقته حاجزاً أمام شغفه بالحياة، رغم أنه كان يعيش في بيت لا ينقصه شيء في درعا؛ ولكنه فجأة وجد نفسه في خيمة! ولم تقبل نفسه الأبية أن يتحول إلى عالة، فهو رب أسرة يعيل أبناءه، ومدير لفرقة فنية داخل المخيم، ومدرب لليافعين في الفترة الصباحية، بينما يتحول لطالب لغة إنجليزية مساءً. وقد اختارته منظمة الهيئة الطبية الدولية ليكون مدرباً لمهارات الحياة في المخيم. ويحرص مع ذويه على الاستفادة من الدورات التدريبية لتطوير قدراتهم ومهاراتهم، وهو بذلك يغرس قيم التحدي والعمل في نفوس باقي اللاجئين.
وهكذا، يتولّد الإبداع من رحم المعاناة! تلك المعاناة التي تعزِّز أفكار التفوق والإبداع وتمجيد الذكاء والاعتماد على النفس. وهناك بالمقابل للأسف من يدفع في الاتجاه المعاكس ويحث على ترسيخ ثقافة الاستجداء والركون للكسل المفضي للدونية والعدمية! لذا تجدهم يفضّلون العيش على مساعدات الدولة بدل العمل والكد وتطوير أنفسهم.
وفي أوروبا، فتح الاتحاد الأوروبي ذراعيه للاجئين، ويبحث بجديةٍ عن وسائل لدمجهم في المجتمع، ويؤكّد على فوائدهم لقطاع الأعمال، ويسعى لتغييرات في قوانين وأنظمة العمل، والتسريع في منحهم الحق في العمل، فهو أكثر الأماكن كرماً لتمسكه بالقيم الجوهرية للاتحاد، فضلاً عن تشجيعه أصحاب الهوايات ودعمه ذوي الابتكارات، حتى ظهر لاجئون مبدعون في المجالات الفنية والطبية والتكنولوجية.
حين يبدع اللاجئ المكلوم، فلا حجةَ للآمن السليم!!