خالد الربيعان
نهائي دوري الأبطال بين ليفربول ويوفنتوس الإيطالي 1985 في بلجيكا والذي نتج عنه موت 39 مشجعاً و600 مصاب، كان علامة فارقة في (قانون كرة القدم)، وبغض النظر عمّن كان السبب بهذه الحادثة التي سُميت بكارثة هيسل (اسم ملعب النهائي)، فيهمنا ما نتج عنها، الاتحاد الأوروبي منع كل أندية إنجلترا من المشاركة في أي بطولة أوروبية لمدة 5 سنوات، استجابت الأندية الإنجليزية كلها رغم أن المتورط ناد واحد هو ليفربول! ولم يعترض أحد !
بعدها وتحديداً في 1992 اجتمعت أطراف الرياضة الإنجليزية وأنشأوا ما نعرفه اليوم بالبريمرليج، هذا المشروع العملاق ما تم إلا بإصدار شيء اسمه ميثاق الدوري الإنجليزي، وهو دستور هناك، كتاب ضخم لا يتغيّر، له 25 سنة حتى 2017 وما زال بمثابة المنظّم لسير كل شيء وأي شخص! .. من المدير إلى الفراش، ومن ناد كبير إلى صغير! لا يرى ولا يحابي أحداً !
النتيجة كلنا نراها وسنراها! وهي فرق البريمرليج بسنين عن باقي العمليات الرياضية في أوروبا، وأصبح الوضع من شغب جماهيري وظاهرة تُسمى «الهوليجانز» التي نعرفها، إلى الدوري الوحيد الذي يُقام بلا حواجز بين اللاعبين والجمهور، أقل من 3 أمتار بين اللاعب الذي يلعب الضربة الركنية أو التماس وبين الجماهير! والويل لمن يشاغب أو ينزل الملعب!
القانون جعلنا نرى فريقاً مثل تشيلسي ينهي الدوري في المركز السابع في موسم ثم يتصدر في الذي يليه! وفريقاً يواجه شبح الهبوط في موسم يفوز باللقب ذاته في الموسم الذي يليه، ثم يُهَدَّد بالهبوط في الموسم الذي يليه مثل ليستر!
مورينهو يضرب زجاجة مياه بقدمه اعتراضاً على الحكم، الأسبوع التالي مباشرة نراه يشاهد المباراة من المدرجات كأي مشجع !
تخيل لو أن عندهم لاعب وقَّع لناديين في نفس الوقت ماذا يمكن أن يحدث! تخيل أنت ولن أقول أكثر لأن مشاعر بعضهم قد تتأذى !
البنية التحتية القانونية، في نفس الأهمية للبنية الكروية من ملاعب وإستادات وأندية! هذه أرضية اللعب والأخرى الأرضية التي يقف عليها الجميع متساوين أمام القانون.. لا أحد يعلو فوق أحد مثلاً لوجود «مطبات» في أرضية غير مستوية !
المبشر هو أننا في الطريق لذلك، فإنشاء المحكمة الرياضية المتخصصة أمر ممتاز، وتطوير عملية التحكيم الرياضي تسير بشكل جيد، ولكن المهم هو التطبيق والفصل في المنازعات، واستجابة كل الأطراف للقرارات هو المحدد لنجاح هذا الأمر من عدمه .
دول مثل إنجلترا وألمانيا مروراً بقطر والإمارات وأخيراً الصين.. عرفت ووعت وتبنت مبدأ أن الاقتصاد الرياضي بند رئيسي في الاقتصاد الوطني، و أن الرياضة قضية من قضايا الأمن القومي، تؤثّر في المواطن الذي هو وحدة الشعب بأكمله، وكأي فرع من فروع الاقتصاد لا بد له من قانون ينظّمه، وقيادات وكوادر تقوم بتنفيذه، وإلزام أطراف المنظومة به .
إلزام الأندية بدستور ولائحة لا تفرِّق بين مكانة ناد وآخر، وتنفيذ سياسات الثواب والعقاب بكل شفافية وصرامة أمر حتمي لا بد لنا منه إذا أردنا أن نكون كما أصبحوا .. فنحن ما زلنا حيثما كانوا !!
فقاعات بشرية !
حتى الأن نتردد بترسيخ البيئة القانونية بشكل كامل بسبب هيبة رجل أو سطوة آخر، لذلك فانتظروا بين كل فترة وأخرى فقاعات تطفو على سطح المنظومة الرياضية لتعكّر جوها ثم تذهب ليأتي غيرها! فُلان ليس عنده انتماءات يقوم على طريقة الأخ شهريار باللعب كل يوم في ناد! عِلاَّن آخر «مزواج»! يقوم بالجمع بين أكثر من ناد! وثالث يضرب زميله أو مدربه وآخر يختفي ويشاكس النادي ثم يقول أنا الأول والآخر في النادي... أخيراً تراها عندنا عادي !!