أحمد محمد الطويان
أمرني والدي - حفظه الله - أن أؤجل كل ارتباطاتي وأرافقه في زيارة إلى أمير منطقة الرياض، امتثلت لأمره، وسعدت بالفرصة التي ستجمعني بالأمير الذي التقيته آخر مرة قبل سنوات عدة في لقاء عابر، محفور في ذاكرتي، لأنه عرفني بشخصية يغلف جديتها المرح، ويجمل مرحها الرقي، كل هذا المحفور في ذاكرتي من لقاء عابر، لم يتجاوز 20 دقيقة.. لقاء الأمير فيصل بن بندر قبل 3 أيام كان ممتداً لأكثر من ساعتين ونصف الساعة.. استقبال دافئ يلاقيه الجميع، صغيرهم وكبيرهم، من رجال المختصين بالاستقبال والتنظيم، يتبعه لقاء مع الرجل الذي يقود عاصمة بلادنا.. بساطة لا تعقدها أعباء العمل الذي لا يهدأ، جاء معتذراً لتأخره، وهمس بأذني من يجلس بجانبي قائلاً «أعان الله الأمير.. كان في عزاء، ثم حفل تكريم، وزيارة مريض ثم جاء مجلسه»، ظننت مجاوري يبالغ، سألت بـ»حشرية» كما يقول اللبنانيون، أحد الأصدقاء المقربين للأمير أكد ما قاله جاري في الكرسي!
أعرف أن لمنصب الحاكم الإداري جانباً اجتماعياً بالغ الأهمية، ولكن لم أسمع قبل تلك اللحظة، أن هناك من يؤدي هذا الجانب بهذه الطريقة، التي يثقل فيها كثيراً على نفسه، ولكن هذه «مدرسة سلمان بن عبدالعزيز» الذي كان ولا يزال يعود المرضى، ويلبي البسطاء، ويصل الرحم، ويشارك السعوديون أفراحهم وأتراحهم، ويقوم بأعماله الرسمية بكل كفاءة، وسمعت من الأمير فيصل أنه يسير فعلاً لا قولاً فقط على المنهج السلماني في الإدارة، خصوصاً وهو يجلس اليوم على الكرسي الذي أدار من عليه الملك سلمان أسرع وأكبر نهضة شهدتها مدينة عربية.
في مجلس «فيصل بن بندر» وجدت السعودية بكل تفاصيلها، جبال عسير، فداء جازان، ساحل الشرقية، بيوتات «دخنة»، حارات مكة، نخيل بريدة، ورد تبوك... إنسان كل مدينة من مدننا، يعتبر الرياض مدينته وأميرها أميره، اجتمعت المملكة بين يديه، محبة وانتماءً لعاصمة جمعت البطولات، والأماكن، في مكان واحد ومكانة سامية.. في مجلس الأمير، كان الحديث وطنياً بامتياز، حديث الصراحة، بلا مجاملة أو تجميل، يقف مواطن بسيط بلغة أكثر بساطة، وبلا تكلف، ينادي أميره بأبي محمد، ويطلب منه تلبية دعوته ليزوره في منزله في إحدى محافظات الرياض، ويلبي الأمير بلطف.
لا ينسب الأمير الإنجازات لنفسه، كان يوجه الشكر والثناء لمسؤولي الرياض التنفيذيين، وفي الوقت ذاته يدعوهم للتفكير بصوت عالٍ، ليسمع من يجاورهم ما يجول في عقول، ولتبنى الأفكار على الأفكار، ويتحقق المنجز بلا أخطاء.. يرى «فيصل» الرياض التي يحب في عيون أهلها، ولا يفرق بين ساكنيها، ووزع جهده وحبه بعدل أقسم عليه أمام ولي الأمر.
عرفت والده الكبير الأمير الجليل بندر بن عبدالعزيز من خلال ما كُتب عنه، خصوصاً في نشأته الأولى من معلميه في «يوميات الرياض» للشيخ أحمد الكاظمي و»النفحات» للشيخ القدير عبدالله خياط، وما سمعته ممن عرفوا الأمير عن قرب، ومعرفتي الشخصية بعدد من أصحاب السمو الملكي أبناء وأحفاد الأمير بندر، هو بلا شك جامعة أخلاق وتدين ورجولة، ولا تستغرب أبداً أن يكون نتاج تربيته قياديين بهذا المستوى الرفيع، في العلم والعمل والوطنية.
تحية للأمير فيصل بن بندر، وهنيئاً للرياض بالأمير.. وإنجازات مستمرة بإذن الله تعالى.