خالد بن حمد المالك
بعد ثماني ساعات طيران هي المسافة الزمنية بين الرياض وكوالالمبور وصلنا إلى العاصمة الماليزية قبيل منتصف الليل بقليل، وقد حجب الليل بظلمته عن أنظارنا المشاهد الجميلة في هذه المدينة، بينما ظلت زخات المطر ترافقنا بكثافة من المطار إلى الفندق الذي اختير لإقامتنا خلال زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز لماليزيا لبدء جولة لعدد من الدول تشمل إلى جانب ماليزيا على التوالي إندونيسيا واليابان والصين والمالديف قبل أن يصل إلى الأردن لحضور مؤتمر القمة العربية هناك.
**
كوالالمبور تحتضن شبكة طرق غاية في التنسيق والجمال، كباري وأنفاق، وأشجار وزهور تحف بالطرق من الجانبين، وشبكة تصريف للسيول المنهمرة باستمرار قادرة على استيعاب المطر مهما تواصل بغزارة، حيث يأخذ طريقه إلى بحيرات أعدت لهذا الغرض، بالإضافة إلى النفق الذكي الذي صمم وبني ليستخدم كطريق لامتصاص بطء حركة المرور وازدحام الشوارع بالسيارات، وتكون وظيفته الأخرى عند حدوث الفيضانات، حيث يتم استخدامه لحماية العاصمة من أي أضرار يمكن أن تلحقها الأمطار غير العادية من حيث حجمها وكثافتها للأملاك.
**
وما يميز العاصمة الماليزية أنها تتمتع بشبكة قطارات هي واحدة من أفضل ما هو موجود على مستوى العالم، وقد وقفنا على التجهيزات والإمكانات، وتعرفنا في جولة نظمت لنا على المنشآت، واستخدمنا القطارات في تنقلنا، وشرح لنا مستوى الصيانة والتشغيل، وقيل لنا إن فرنسا وألمانيا والصين شاركت في بناء هذه الشبكة العملاقة إلى جانب الخبراء والمهندسين الماليزيين.
**
وتمتلك العاصمة مطارين عالميين، لمواجهة تزايد عدد السياح الذين يفدون إلى ماليزيا، حيث يزورها سنويا أكثر من 30 مليون سائح، وتخطط الدولة لأن يصل العدد إلى 40 مليون سائح بحلول 2020، وهو رقم كبير يضاف إلى السكان البالغ عددهم أكثر من 30 مليون نسمة، 6 ملايين منهم يقيمون في العاصمة.
**
هناك معلومات تعرفنا عليها خلال هذه الزيارة، فقد قيل لنا إن في ماليزيا أكثر من 100 جامعة، يدرس بها أكثر من 160 ألفاً من غير الماليزيين، إما على حسابهم الشخصي أو على حساب دولهم، وفي لقاء لي بوزير التعليم العالي الماليزي ذكر أن الجامعات الماليزية يدرس الطالب فيها لمدة سنتين، ومثلها ينتقل إلى العمل في المصانع والشركات، للتعرف على التخصص واستيعابه بالتدريب والعمل الميداني، كما أن التعليم العام كان قد ضُم في فترة سابقة إلى التعليم العالي في وزارة واحدة، ثم رؤي بعد التجربة فصلهما عن بعض وعودة التعليم إلى ما كان عليه، أي في وزارتين، واحدة للتعليم العام، والثانية للتعليم العالي.
**
ماليزيا لديها صناعات متطورة، منها صناعة السيارات، وصناعة الأجهزة الكهربائية والإلكترونية، وتعتمد في جزء من مواردها على السياحة، وعلى تصدير زيت النخيل، وتتمتع بأحزاب معارضة نشطة تحول دون إساءة للمال العام، أو تقصير في أداء العمل، أو كسب غير مشروع، وأكبر هذه الأحزاب حزب مهاتير، لكنها معارضة سلمية، ولا تسمح لنفسها بأن تسيء مظاهراتها للأملاك العامة والخاصة، أو للأمن والاستقرار في البلاد.
**
هذا بعض ما يمكن أن أقوله بسرعة واختصار شديد مقدمة أو مدخل لما سأكتبه عن زيارة خادم الحرمين الشريفين إلى ماليزيا في حلقات قادمة، حيث الشعب الودود، فالدولة الفتية وفقاً لمنجزاتها الهائلة التي تحققت خلال العقود القليلة الماضية، وحيث الطبيعة الخلابة، والطابع المعماري المميز، والإتقان في هندسة ورسم أحياء وشوارع العاصمة، مع ما هو لافت عن المظاهر الاقتصادية في البلاد الذي يبدو أنه يتعافى بسرعة. .... يتبع