فهد بن جليد
الإنصات هو (الحلقة المفقودة) في الكثير من علاقاتنا الاجتماعية، لذا برأيي أن سرَّ المبدعين في وسائل التواصل الاجتماعي خصوصاً (سناب شات) يكمُن في أنهم مُجرَّد أشخاص كانوا بحاجة إلى من يُنصت إليهم في الأصل بكل بساطة، قبل أن تهبط عليهم التقنية من السماء.
السارقون الجُدد هم من يسترقون السمع (بإنصاتهم) لهؤلاء عبر وسائل التواصل الاجتماعي، ثم يعودون ليقدِّموا ما سمعوه بطريقة وأسلوب جديد في المجالس، أو عبر ذات التقنية في رحلة البحث عن (مُنصتين جُدد)، ولاتسألني من هم (السارقون القدامى) إذاً ؟!.
نصف مشاكلنا ستنتهي تلقائياً لو استطعنا الإنصات لبعضنا بشكل جيد وصحيح، دون مُقاطعة، ولا أعرف هل نملكُ دراسة تحدد نسبة (الرسائل المبتورة) التي نفهمها بشكل خاطئ، نتيجة حرب الصراخ في مُعظم حواراتنا؟ وهل يُمكن أن نبدلها بالأذان الصاغية، أو ما يُعرف غربياً بمُصطلح (العلاج بالكلام) كتقديم خدمة (الاستماع الكامل) بمُقابل مادي، لمن يحتاج لإخراج ما بداخله من هموم ومشاكل وربما أفكار وأطروحات ومشاعر..
الأمر لن يقتصر على كبار السن أو من يعانون من أمراض عضوية أو نفسية كما تروِّج لنفسها النسخة الغربية، فالأشخاص العاديون يحتاجون في بعض الأحيان إلى (سمِّيع) حتى لو كان مُستأجراً، يُنصت لأفكارهم وكلامهم، دون مُقاطعة، في وقت عزَّ فيه وجود من يُنصت إليك؟!.
بعض الأذكياء بيننا اليوم ممن يملكون أذان موسيقية، نجحوا في سحر غيرهم (بفن وحسن) إنصاتهم، وهو ما أكسبهم الكثير من المال والوجاهة والقرب، لذا عليك التفريق بين (حسن الكلام) و(حسن الإنصات)؟!
الناس بحاجة إلى من يستمع ويُنصت، أكثر من حاجتهم لمن يملك مُفردات وحلول وأطروحات وآراء؟ فتلك منصة الربح السحرية في أي مُجتمع يُعاني مُعظم أفراده من (أزمة إنصات)؟!.
وعلى دروب الخير نلتقي.