سعد بن عبدالقادر القويعي
بدون مقدمات، ودعوات، وبغير استقبالات، فاجأنا وزير الخارجية السعودي - الأستاذ - عادل الجبير بظهوره في بغداد؛ ليؤكّد أن هذه الزيارة: «تأتي لإعادة العلاقات الثنائية بين البلدين إلى مسارها الصحيح»، ومشدداً على أن: «المملكة تقف على مسافة واحدة من المكونات العراقية، وتدعم وحدة، واستقرار العراق»؛ ولتحمل هذه الزيارة المكوكية في طياتها سعي السعودية إلى إيجاد عمق إستراتيجي لها في مناطق باتت خارج سيطرة الحكومات المحلية، بعد أن تحولت مرتعاً لميليشيات، ومسلحين إرهابيين، - إضافة - إلى تفادي اضطرابات، وتنامي الحركات التكفيرية، والمتطرفة داخل العراق. حملت الزيارة سلسلة من الدلالات من حيث توقيتها، ومضمونها، ومن ذلك: أن الإدارة الأمريكية الجديدة بدأت في التضييق على طهران من عدة جوانب، ومن الممكن أن تكون الزيارة أحد هذه الجوانب، - وخصوصاً - أنها عبّرت في أكثر من مناسبة عن امتعاضها الشديد من التوغل الإيراني في العراق . كما أن توقيت الزيارة سيخرج العلاقات بين البلدين من حالة الجمود، والتوتر التي سيطرت عليها سنوات طويلة إلى حالة جديدة، تتسم بالتعاون بما يخدم مصالحهما، ويسهم في حل القضايا العالقة، وإحداث نوع من التوازن مع قوى الإقليم. إن اختراق السياسة الإيرانية في العراق، وفتح صفحة جديدة في العلاقات مع العراق أصبح لازماً؛ من أجل مساعدة العراق في التحرّر من الهيمنة الإيرانية عليه، وإعادته إلى حاضنته العربية، ومواجهة الإرهاب الذي يهدد المنطقة، والمساهمة في القضاء على جذور التطرف، وإزالة بؤر التوتر، والاحتقان في عموم المنطقة التي تواجه تحديات داخلية، وخارجية - في غاية الخطورة -؛ الأمر الذي يستدعي التنسيق مع السعودية؛ من أجل خلق توازنات مهمة، - خصوصاً - داخل العراق الذي يعاني حروباً كثيرة، ووجود لميليشيات مسلحة إرهابية. بعيداً عن التنافس الإقليمي الذي ما جلب للعراق سوى الدمار، والعوز المالي، فإن دعوة رئيس كتلة الحل البرلمانية - النائب - محمد الكربولي القوى السياسية العراقية - كافة - إلى التعاطي بإيجابية مع مبادرة المملكة العربية السعودية؛ لما فيه مصلحة العراق»، أمر في غاية الأهمية، والذي سينسحب - في تقديري - بالإيجاب على العملية السياسية داخل العراق، ويطمئن جميع الأطراف المختلفة مع الحكومة، ويمنح مساحة واسعة من التفاهم بين الفرقاء العراقيين.
في ظل التصعيد الإيراني، ومن خلال سياسة المحاور الجديدة التي تقودها السعودية - اليوم - في المنطقة، ودورها المحوري المؤثّر على الساحتين - العربية والإسلامية -، فإن الدور الإقليمي للبلدين - في المستقبل المنظور - يتطلب تشجيع العراق على التخلص التدريجي من الهيمنة الإيرانية على قراره الوطني، والعمل على تغيير مستويات النفوذ، والقوة الإقليمية في المنطقة، - باعتباره - طرفاً مهماً في معادلة الأمن، والاستقرار الإقليميين، وهو أمر لا يمكن تجاهله.