عروبة المنيف
يقول المثل إن «يداً واحدة لا تصفق»، ومثل آخر «عقلان أفضل من عقل واحد»، واتحاد وزارتين وبذل مجهودهما وإمكاناتهما في سبيل تحقيق هدف وطني بالطبع هو أفضل من مجهود كل وزارة على حدة.
أطلت علينا منذ أيام أخبار مبهجة تتضمن «مبادرة» تهدف لتنسيق الجهود بين وزارتي الصحة والتعليم من أجل صحة أبنائنا، فقد تم الإعلان عن مبادرة «رشاقة» بواسطة وزارة الصحة وبالتعاون مع وزارة التعليم، والتي تهدف إلى خفض معدلات السمنة بين الطلاب والطالبات في المدارس، وتستهدف المبادرة في المرحلة الأولى ألف مدرسة في ست مناطق بالمملكة إلى أن تصل إلى ستة آلاف مدرسة خلال الخمس سنوات القادمة ما يعادل تغطية20% من مدارس المملكة، بهدف محاربة السمنة في المجتمع عن طريق تعزيز نمط الحياة الصحية بتحسين السلوك الغذائي وتحفيز النشاط البدني بين الطلاب والطالبات.
إن الشيء بالشيء يذكر، فقد دق ناقوس خطر السمنة في المملكة ولا سيما بعد إعلان الاتحاد الفدرالي العالمي للسكري في آخر تقرير، بأن المملكة تقع في المرتبة السابعة عالمياً في نسبة الإصابة بالسكري. ويرتبط مرض السكري بالسمنة وعلى الأخص سكري النمط الثاني الذي يشكل90% من حالات مرضى السكري، فقد وصلت تكاليف علاج المرض في المملكه إلى سبعة عشر مليار ريال سنوياً بالإضافة إلى الوفيات والتي وصلت إلى عشرين ألف حالة سنوياً، وأن نصف تلك الحالات هم من تقل أعمارهم عن الستين عاماً، أي من هم في سن الإنتاج والشباب، ما يجعل التكلفة الاقتصادية والاجتماعية لمرضى السكري والسمنة مرتفعة جداً.
إن تكثيف الجهود بين الوزارتين في مبادرة «رشاقة» هي خطوة رائدة، ولكن يبقى التنفيذ هو سيد الموقف من خلال إعداد الخطط الخلاقة القادرة على تحقيق الهدف الأسمى بكل سلاسة، وبأقل التكاليف، وهنا لا نتجاهل الدور الفعال الذي من الممكن أن تقوم به أيضاً «الهيئة العامة للرياضة» كشريك ثالث مع وزارتي التعليم والصحة في تحقيق هدف «رشاقة».
إن الإعداد والتنفيذ للخطة في البداية يجب أن ينطلق بتأسيس «إدارة عليا للغذاء» في وزارة التعليم تشرف عليها وزارة الصحة بهدف التأكد من الالتزام بالاشتراطات الصحية اللازمة لتحقيق الهدف، وتباشر وزارة التعليم بتجهيز مطاعم المدارس المنتقاة كمرحلة أولى لتنفيذ الخطة على أحدث الأساليب العصرية، على أن يتم التعاقد مع شركات تمويل غذائية متخصصة لتوفير وجبات صحية نموذجية على مستوى عال من الجودة وبأسعار رمزية للطلبة والطالبات، ويتزامن ذلك مع تأسيس برامج توعوية مكثفة للطلبة والطالبات في وزارة التعليم وتعيين مثقفيين صحيين من وزارة الصحة، ينشرون الوعي الصحي ويساهمون في التشجيع على السلوكيات الغذائية الصحية وعلى أهمية النشاط البدني المنتظم.
من السهولة إطلاق المبادرات فهي في النهاية دعاية وإعلان وترويج، ولكن ما يفرح فعلاً هو تجسيد تلك المبادرات على أرض الواقع بكفاءة وفعالية عالية تليق بالوطن وبالمواطن وبالرؤية المستقبلية.