أمل بنت فهد
يحدث أن تعيش بأدنى مستوى من مقومات الحياة.. ويحدث أن تعيش فقيراً.. ويحدث أن تعيش مريضاً.. ويحدث أن تعيش وأنت تحفر طريقك بأظافرك.. لكن الذي لن يحدث أن تعيش وأنت خائف.. لأن الخوف يسلبك حرية التصرف.. ينتزع من عمرك عمراً لا يكفي ليمنحك عزماً حتى للتنفس.. إنه يضيق بك ويخنقك.. إنه شلل إجباري وإن كنت تملك قدمين.. إنه كساح يسحقك عن التقدم دون أن تلتفت مليون مرة.. وكيف يكون المسير الذي يقاطعه الحذر!
افتح صفحة الحوادث في أي صحيفة.. أو موقع الكتروني.. راقب كيف يغتال الرعب كل ما يمكن أن يسمى حياة.. شاهد كيف يكون التواجد بين الأنقاض.. كيف يكافح النبض تحت التهديد.. حين تكون هدفا عشوائيا للبنادق.. والقذائف.. حين لا تدري كيف توزع نفسك على مخاوفك.. على الروح أم العرض أم المال.. وكلها مجتمعة في جنة الوطن.. لا مكان يمكنه أن يعطيك أسباب الحياة عدا الوطن.. ولا وطن يمكنه أن يكون دون أمان.. نعم الأمان قبل كل شيء.. بالأمان تملك حرية التصرف.. تملك القدرة على التحرك.. بالأمان تستطيع أن تكون المستحيل الذي حدث.. ودون الأمان أنت مجرد خائف.. متردد.. جبان.. تائه.. أمنياتك واحدة.. أن تعيش فقط.. أن تتنفس.
الأمان ليس كلمة نكررها.. الأمان وطن لا تستباح فيه إنسانيتك وإن كان رصيفاً.. وخبزاً جافاً.. الأمان قلب الأوطان.. حين يمرض.. أو يُسرق.. فإنها بداية النهاية.. بداية الفوضى.. بداية أن تتخلى عن حريتك وتكون عبداً يمكن للأقوى والأشرس أن يمتلكك.. بضغطة بندقية!
حين يرتبك الأمان تنتفخ صدور الطامعين بك وبأرضك.. ومن عجائب الأمن أنه ثابت وقوي ولا يؤخذ على غفلة إلا بيد الخونة من الداخل.. فحين يتجرأ عدوان خارجي.. فتأكد أنه وجد ثغرة من باب ساذج.. أو خائن.. لكنه حصين ومنيع حين يدرك المواطن أنه الخاسر الأول حين يضرب الأمان في وطنه.. وأنه وأهله وأبناءه وأحبابه غنيمة بيد اللصوص.. وقطاع الطرق.
الوطن أمن أنت تحرسه.. وأنت تخذله.. وتخسره أو تكسبه.. يمكن لأي خطأ أو خلل أن يعالج.. ويمكن لأي تقصير أن يتدارك.. لكن حين تخون الأمان.. وتمنح الغادر طريق عبور لوطنك.. هنا تكتب النهاية ويُسدل الستار.. ويبدأ الخوف يطاردك ويباغتك.. واسأل الأحداث الدامية.. متى وكيف انهارت دول بكاملها.. بدأ بحلم ساذج.. وبطل خرافي.. وغفوة ضمير.. وانتهى بيقظة الدمار.