د.ثريا العريض
أفقت على شفتي أغنية:
لك الأمر يا وطني وأنا أستجيب.. فأصغِ لصوتي.. وكن لي مدارا.
أشرع الوطن شرفة أمنياتي كطير أخضر يبشرني بفجر التحول, وأن ربيع الفرح على الأبواب, وأصر أن أفتح الباب لننطلق معا بعد صمت غياب. «احتفي بك فاحتفي بي».. يهمس في النبض مغويا.
ويكرر « أحمل وعد الربيع الحقيقي.. أفيقي.. لست غيم سراب»!
أتأمل ملامحه الضبابية.. ليس غريبا.. وله وجه ذاك الحبيب القريب..
أقرر أن أستجيب..
أريد مدارا لأنقش اسمي واسمك يا وطني سامقا فوق هام السحاب كيانا قويا- جناحاه مثل النسور - نشق طريقا بعزم يهاب:
الوعـدُ لِي ؟
هب لي مَـدارا
يقايضُني الأفـقَ دارا
خُذني بعيداً بعيداً
بعيداً عن الصمتِ والانحصار..
يستنزفُ الحلمَ دربٌ بـِلا أفـق
تكرارُ نزفِ الخُطَى والدوار
و ذائقة الاحتضار
**
بعيـداً عن الشوكِ خُـذني
أعد لي ملاعـبَ حلمي
على مـفـرقِ الاشتياق
بـدءاً جديداً..
حروفـاً عـذارَى..
**
طفولـةُ أفقي تراودُني..؟
يعاندُني هاجـسُ الشـكِّ..
همُّ سـرابِ الصحارَى !
أيغتالني مصرعُ الحلمِ في النسغ؟
حين يحاصرُني الوهـمُ بِالاختراق
يسمـِّمُ حـرفـي اصطخابُ الضجيج
وبـلبـلـةُ الصائديِّ الصدَى
أضيـعُ بـِحشرجـة الاختناق
الدخان اللهيب
صدَى الصمتِ ينمو هشيماً بِـحلقي
فيقترفُ الحلـمُ كارثـةَ الإحتراق
**
لِـيَ الـوعـدُ.. ؟
والـوَجـد ؟
هَـبْ لي انعتاقَ الربيعِ بِنسغِ المدى
حياةً بِسنبلـةٍ وافية
حقولَ الحصادِ الذي سوف يأتي
حنيـنَ طفولتيَ اللاهية
يجاوزُ بالقلبِ منعطفاتِ الدروبِ دوارا
وعبأَ عبورِ الفصولِ العنيف
تحـدّي صرومِ المـصيـفِ،
همومِ الـخريفِ،
وجومِ جليدِ الشتـاءِ المخيـفِ،
وجدب بياضِ الصحارَى.
**
الـوعـدُ لـي ؟
هَـبْ لـي احتداماً شفيـفاً
بألوان حزني وغيمِ اشتياقي إليك
يضيء بِلون الخزامَـى الخجول
يبوحُ بِسـرِّ شميـمِ العرارِ حروفاً حيارَى..
خُطىً تتلمّـس شوقَ الدروبِ
وبـوّابة الإنـعتاق
أيُّ حلـم ٍ يكابدُني منذُ لثغـةِ خطوي
ويجـتاحُ نشوةَ عـدْوِي
أيُّ حلم تبقـّى ولم يستبح ؟
لك الأذن مـِنـّـي
ليغمـرَ حلـمُـك كلَّ الوهادِ بِآفاق ذاتي
بـِغيـثِ الأمانـي
وألـوانِ قـوسِ قزح
فكن أنتَ فيَّ انعتاقَ الخزامى
وفيض المعاني
لك الصوت والفعل والنول يا وطني
كما شئتَ
فاسمع هدير الصدى في المدى
وانطلاق الأغانـي
أتح لي مدارا
أتح لي مدارا
أكون به أنتَ يا وطني
صوتا صدوقا أبيا قويا فصاحته لا تبارى
يجلجل فخرا بفجر انبلاج الفرح.