رجاء العتيبي
أثار إعلان نايكي عن (ملابس رياضية نسائية) موجة من النقاش واسع النطاق بين مؤيد ومعارض. وكعادة المجتمع العربي يطول النقاش حول أي موضوع يتعلق بالمرأة، وتكون المحصلة النهائية من دون نتيجة يمكن أن يعول عليها أحد؛ باعتباره نقاشًا عاطفيًّا أكثر من كونه نقاشًا عقلانيًّا. يدخل في النقاش كل شيء: الدين، المؤامرة، الأحزاب، الطوائف، الأموال... إلخ، دون أن يثير أحدهم هدف الشركات التجارية (تعظيم الربح)، وهو هدف رئيس بعيدًا عن كل التأويلات التي تقحمها فرق النقاش.
نايكي شركة ربحية وحسب، وليس شيئًا غير ذلك. والذين يعرفون ألاعيب الإعلان التجاري ومعايير التواصل الجماهيري يتأكد لهم أن شركة نايكي تنطلق من قيم ربحية ليس غير، والمرأة في معايير الإعلان التجاري ليست سوى أداة إعلانية تحقق للمعلن بعضًا من الربح، في أقل منزلة يمكن أن توضع بها المرأة كإنسان.
بالتأكيد، إن إطلاق هذا الإعلان الذي يشير إلى ممارسة المرأة أنواعًا متعددة من الرياضة جاء عن طريق (أبحاث السوق)، وهي أبحاث لها أهميتها لدى الشركة المعلنة؛ باعتبارها تعطي مؤشرات باتجاه المجتمع وطريقة تفكيره.. كل ما هنالك أن شركة نايكي وجدت من خلال بحوثها الوصفية للمجتمعات العربية أن ثمة توجهًا ملحوظًا، يؤكد أهمية ممارسة الرياضة للمرأة حفاظًا على صحتها ورشاقتها وأناقتها، وصاحب ذلك قرارات من جهات رسمية، توجّه بممارسة المرأة الرياضة؛ حتى لا تكون أسيرة السمنة والأمراض، مثل: السكر, والكلسترول، والوهن، والضعف، وهشاشة العظام.. إلخ.
في تقديري، إن شركة نايكي بادرت قبل غيرها بدخول سوق جديدة بلفت نظر النساء إلى منتجاتها الرياضية، بعد أن بثت إعلانًا (مثيرًا/ صاخبًا)، تشير رسالته (الخفية) إلى (تعاطف) مع ممارسة النساء الرياضة، وأنها الشركة الأولى التي توفر لهن احتياجاتهن الرياضية دون غيرها من الشركات المماثلة.
نحن لا نستطيع أن نمنع أحدًا من الإعلان التجاري، وتحديدًا عندما تكون من شركات عابرة للقارات، ولكن الذي يهمنا كيف يمكن أن نتعامل مع المثيرات الخارجية باعتدال وبدون تطرف. علينا أن نوازن بين صحة المرأة في ممارستها الرياضة والاحتشام في اللباس الرياضي، سواء كان مصدره شركة نايكي أو بوما أو أديداس. المسألة ليست مسألة شركة معينة، ولا إعلان صيغ بصورة صادمة، ولكن المسألة أن تكون مواقفنا متزنة. لا ضرر ولا ضرار.