د. عبدالواحد الحميد
أستغرب كيف يتاح لأشخاص ذوي سجلات إجرامية أو مرضى نفسيين أو مدمني مخدرات أو أطفال قاصرين الحصول على سلاح ناري يسيئون استخدامه في غير المجالات التي حدَّدها النظام!
هذه الأسلحة الفتاكة يستخدمها البعض في مناسبات الأفراح، فينتج عن ذلك فواجع تقلب الأفراح إلى مآسي، ويستعرض بها مراهقون في تجمعات التفحيط، والأسوأ من ذلك أن هذه الأسلحة تقع في أيدي مجرمين يستخدمونها لأغراض مخلة بالأمن. وقد تابعنا جميعاً الأخبار المؤسفة عن الجريمة التي وقعت في الرياض حين قام أحد الأشخاص باحتجاز امرأة وابنتها وعاملة منزلية وتهديدهم بأسلحة نارية وعندما تم اقتحام المكان الذي فيه الرهائن المحتجزين عثرت شرطة منطقة الرياض بحوزة الجاني على سلاح من نوع رشاش ومسدس ومخزنين وعدد من الذخيرة الحية!! ما هذا!؟ ولأي غرض يحتفظ أي إنسان بهذه الكمية من الأسلحة التي تكفي لقتل عشرات الناس!؟ وكيف وصلت هذه الترسانة من الأسلحة إلى يد شخص هو من غرابة الأطوار بحيث يملك الجرأة على احتجاز رهائن ويهدد بالسلاح ويطلق النار في وجه قوة المهمات والواجبات الخاصة المكلفة بالتعامل مع الحالة بعد تلقي البلاغ من المرأة المحتجزة!؟
لا يمكن، بالطبع، ضمان ألاَّ تصل الأسلحة إلى أيدي مَنْ قد يسيئون استخدامها، كما لا يمكن ضمان ألا تكون هناك حيازات غير نظامية للأسلحة، ولكن يمكن الحد من خطورة تملُّك السلاح عن طريق التأكد من التوازن النفسي للشخص الذي يطلب رخصة لتملك السلاح وأن يكون السلاح المسموح بتملكه هو من النوع الشخصي الخفيف وليس رشاشات مثل تلك التي تستخدمها العصابات وربما الجيوش أيضا، وكذلك المراقبة الصارمة لعمليات بيع وتبادل السلاح وإيقاع عقوبات مؤلمة على من يبيع أو يتيح سلاحاً مرخصاً أو غير مرخص لشخص آخر. نعلم أن بعض الأسلحة قد تدخل البلد عن طريق التهريب وأن هناك سوقاً سوداء للسلاح يديرها مخالفون متجاوزون ومجرمون محترفون، وأن الأدوات التي يستخدمها المجرمون والأشخاص غير الأسوياء ليست دائماً أسلحة نارية وإنما قد تكون من «السلاح الأبيض» غير الناري، لكن هذا لا يتناقض مع فكرة تشديد الرقابة على الحيازة الشرعية للسلاح. إن بلادنا التي تنعم ولله الحمد بالأمن تمكنت من تحقيق هذا المستوى الذي تفتقر إليه الكثير جداً من البلدان لأن هناك جهة مركزية رسمية مسؤولة عن تحقيق الأمن والمحافظة عليه وليست هناك مليشيات أو كيانات غير رسمية تنازعها على الممارسة السيادية للأمن. لذلك فإن التوسع في الحيازة الشخصية للأسلحة النارية سواء الشرعية أو غير الشرعية هو أمر لا مبرر له وهو أحد أسباب حدوث الجرائم والمآسي الاجتماعية.