يعد مصنع شاهد العالمية للسيارات نموذجاً ناجحاً للتعاون الاقتصادي السعودي الماليزي، ويقف مدللاً على نمو العلاقات بين البلدين، وهو المشروع الأول من نوعه على مستوى الشرق الأوسط.
ومن أبرز خطوات الدعم الماليزي منذ انطلاق المشروع قيام رئيس الوزراء الأسبق الدكتور مهاتير محمد بصحبة وفد من المستشارين الفنيين والإداريين بزيارة لشركة شاهد العالمية لصناعة السيارات، حيث كان في استقبالهم المدير العام للمصنع سعد اللحياني ورئيس مجلس إدارة الشركة السعودية الماليزية لتطوير الصناعات القابضة الدكتور راشد جوهر، وقد تم عرض شرح موجز للوفد عن أهم المنجزات والإجراءات الأولية التي تم تحقيقها من أجل تأسيس مصنع شاهد العالمية للسيارات في المملكة العربية السعودية، وقد أتبع هذا الشرح بزيارة ميدانية للأرض التي سيُقام عليها المشروع، واطلع الوفد على طبيعة الأرض والخدمات المحيطة بها، وأهمية موقعها على الطريق الدولي، وكذلك تفاصيل البنية التحتية لها.
وأدلى الدكتور مهاتير محمد في تلك الزيارة بتصريح شامل عن العلاقات السعودية الماليزية وسبل تطويرها، فقال: الشعب الماليزي شعب عملي ويعمل معظمه في الأعمال التجارية، حيث إنه لدينا الكثير من الشركاء التجاريين من كل أنحاء العالم، وهذا يعتمد على نوعية صادراتنا ووارداتنا. كما أن لدى ماليزيا العديد من المنتجات لتصديرها سواء كمواد خام أو مواد جاهزة ومصنعة، وبالتالي نحن بحاجة لمعرفة ما هي متطلبات الدولة التي سوف نتشارك معها في تلك التجارة، فنحن الآن ننظر للمملكة العربية السعودية كدولة مصدرة للنفط، ونتطلع لهذه اللحظة التي سوف يكون فيها التبادل التجاري من خلال صناعاتنا المحلية، وزيادة حجم الميزان التجاري فيما بيننا من خلال تبادل منتجات مصنعة وحقيقية، كما أننا نمتلك العديد من المنتجات لتصديرها للخارج. وإن دولة ماليزيا بُنيت وتطورت على أساس التجارة الخارجية مع الدول الأجنبية، على الرغم من أن التجارة المحلية فيها ليست قوية بما فيه الكفاية، إلا أننا استطعنا القيام بالتبادل التجاري مع أكثر من 150 دولة، وعندها فقد بنينا اقتصاد دولتنا من خلال التطور في التصنيع والإنتاج للمواد الخام والتصدير للدول الأخرى واستيراد منتجاتهم أيضا إلى ماليزيا.
وعن صناعة السيارات والخبرات الماليزية المتراكمة لما ينوف على 30 عاماً، أردف الدكتور مهاتير: لا بد من تطوير التكنولوجيا المتبعة فيها حيث قام مهندسو الإنتاج في مصانع السيارات بتطوير تلك التكنولوجيا وتوفير منتجات مميزة من السيارات تمكنا من عرضها محلياً وعالمياً وبالعديد من المواصفات المميزة، وهذه واحدة من أهم أهداف صناعة السيارات حيث إننا مبدئيا لا نفكر بالربح بل نفكر في تطوير التكنولوجيا ومتطلباتها، وهذا ما حققناه وقد نجحنا في ذلك.
ورغم أننا نقوم باستيراد العديد من السيارات الأجنبية إلا أننا نجحنا في صناعة سيارة وطنية ماليزية وبقينا مستمرين في ذلك.
ومنذ أن بدأنا في الإنتاج في مجال صناعة السيارات، زادت كفاءة وقدرة مهندسي الإنتاج لدينا، حيث إننا نقوم الآن بتصنيع العديد من مكونات السيارة مثل قص وتشكيل وكبس الحديد الصلب والألومنيوم، وغيرها العديد من المكونات، التي حققنا فيها منفعة كبيرة من رفع لكفاءة وقدرة مهندسينا في صناعة السيارات.
وعن المنافع المتحققة من إقامة مشروع مصنع شاهد العالمية للسيارات في المملكة العربية السعودية، وأثر ذلك على اقتصادات الدول الأخرى وخصوصاً ماليزيا، قال: بصراحة تمتلك المملكة العربية السعودية العديد من المنتجات العالمية من السيارات، حيث بلغ متوسط حجم السيارات المستوردة منذ العام 2005 وحتى 2012 ما مقداره 679 ألف سيارة، وعليه فإن المملكة لديها سوق سيارات كبير وجيد. وإن صناعة السيارات في المملكة هي صناعة ناشئة وحديثة وبحاجة إلى رعاية وحماية، نحن في ماليزيا نمتلك الخبرات الكافية في مجال صناعة السيارات، ويمكننا تبادل تلك الخبرات معكم، كما أن نقل الخبرات هو جزء مهم من التعاون من أجل نقل التكنولوجيا للمملكة العربية السعودية، ويأتي التدريب في المرحلة الثانية من حيث الأهمية، ثم يليها التبادل التجاري حيث إن هناك أجزاء كبيرة من المكونات الثقيلة للسيارة يتم تصنيعها في الخارج، ونحن نقوم بتصنيع مثل تلك المكونات.
ويتم البدء بتصنيع المكونات الثقيلة للسيارات محلياً في المملكة العربية السعودية من خلال إنشاء وتأسيس شركة داعمة ومزودة لمكونات ومكملات السيارات، وذلك من أجل تزويد مصنع شاهد العالمية للسيارات بما تحتاج إليه محلياً بدلاً من استيراده من الخارج، وأنا آمل من هذا المشروع أن يساهم في زيادة علاقات التعاون الاقتصادي والتبادل التجاري بين بلدينا.
وعن الدعم الماليزي للمشروع قال الدكتور مهاتير: هنالك عدة طرق للتعاون من أجل الوصول إلى صناعة سيارة وطنية في المملكة العربية السعودية، من أهمها تبادل الخبرات، على سبيل المثال في ماليزيا كنا نتحدث عن إنتاج 700 ألف سيارة بينما في تايلاند الإنتاج يصل إلى 2 مليون سيارة، لكن في تايلاند كل هذا الإنتاج الضخم هو إنتاج وصناعة لسيارات وشركات أجنبية يتم تجميعها وإعادة تصديرها مرة أخرى وليست صناعة لسيارة وطنية محلية، وبالتالي نحن نريد للمملكة العربية السعودية إنتاج وصناعة لسيارة وطنية. وكما قلت سابقاً نحن في ماليزيا لدينا تلك التجربة في إنتاج سيارتنا الوطنية، حيث يمكننا نقلها لكم كتجربة ماليزية. أما في مجال الدعم الذي يمكننا تقديمه، فمن جانبنا يمكننا التعاون في مجال نقل الخبرات والكفاءات الماليزية وكذلك المعرفة لمصنع شاهد العالمية للسيارات وبالتالي نقل التكنولوجيا وتوطينها في المملكة العربية السعودية. وكلي أمل أن تكون هذه التجربة مفيدة لكم، لأن هذه التجربة ليست سهلة، حيث استهلكت منا 30 عاماً من العمل المتواصل والمثابرة والجد والتصميم للوصول بنا إلى هذه المرحلة، حيث نقوم هذا اليوم بتصنيع 100 في المائة من مكونات السيارة الوطنية لماليزيا، وهذا تطلب منا حجم استثمار ضخم في مجال البحث والابتكار والتصميم للوصول إلى تلك المرحلة المتقدمة.