«الجزيرة» - محمد السلامة / تصوير - حسين الدوسري:
أطلقت السوق المالية السعودية رسميًّا أمس سوق الأسهم الموازية «نمو»، في خطوة تأتي تماشيًا مع برامج تحقيق «رؤية المملكة 2030» من قِبل «تداول» وهيئة سوق المال، والتي تُعد منصة بديلة للتداول متاحة للشركات الراغبة في الاستفادة من مميزات الإدراج والطرح بالأسواق المالية بقواعد ومتطلبات أكثر مرونة مقارنة بالسوق الرئيسة. وأنهى مؤشر «نمو» تعاملات اليوم الأول أمس من بدء إدراج وتداول أسهم 7 شركات محققاً مكاسب بالحد الأقصى المسموح به، عند مستوى 5999.8 نقطة، وبتداولات تخطت قيمتها 270 مليون ريال.. وارتفعت كافة أسهم السوق الموازية بالحد الأقصى 20 %، باستثناء سهم واحد.
أمام ذلك، أعلن محمد القويز نائب رئيس مجلس إدارة هيئة سوق المال، أن هذه السوق الموازية متاحة اليوم للإدراج للشركات الخليجية إضافة للشركات السعودية، كاشفاً أن سوق نمو ستسبق السوق الرئيسة لتكون متاحة للمستثمرين الأجانب بمختلف فئاتهم في المستقبل، حيث تعمل الهيئة مع «تداول» على تجهيز كافة الجوانب القانونية والفنية في هذا الخصوص على أن يكون الإعلان عن الجدول الزمني لذلك خلال الربع الثاني من العام الحالي، لافتاً إلى أن هذا سيُشكّل خطوة إضافية من نقل السوق المالية السعودية لتكون بالفعل هي السوق المالية للمنطقة ككل.
وهنا، قال القويز لـ«الجزيرة» إن المستثمر الأجنبي المؤهل يجوز له الدخول في سوق الأسهم الرئيسة والموازية من ناحية التداول أو الاكتتاب في مرحلة بناء سجل الأوامر، إلا أننا نسعى في ظل الاهتمام الكبير في السوق الجديدة «نمو» إلى فتح هذه السوق بشكل أسرع وأكبر أمام المستثمر الأجنبي من السوق الرئيسية، مبيناً أن الهيئة تعمل على جعل السوق الموازية متاحة لجميع المستثمرين الأجانب على حد سواء أو الذين يتحقق فيهم الشروط نفسها المطبقة على المستثمر المحلي المؤهل.
وفي سؤال لـ «الجزيرة» بشأن آلية تقييم الشركات الراغبة في دخول «نمو»، أكد القويز أن من يمارس عملية التقييم هم المستثمرون المؤهلون الراغبون في الاستثمار بالأوراق المالية من خلال مرحلة الاكتتاب فيها، وبالتالي هم الأقدر على تسعيرة وتقييم الأوراق المالية لتلك الشركات.
وأشار القويز إلى أن السوق المالية تؤدي دوراً حيوياً في التنمية الاقتصادية؛ فهي حلقة الوصل بين المشاريع المنتجة وبين أصحاب الأموال والمدخرات، كما أنها إحدى الوسائل الأساسية لاستدامة المشاريع المنتجة واستمرارها، لافتاً في هذا الصدد إلى أن المملكة تتمتع بميزة تنافسية كبيرة في حجم وسيولة سوقها المالية، والتي يبلغ ترتيبها الـ 23 حول العالم من حيث الرسملة السوقية، و13 حول العالم من حيث مستوى السيولة. وتابع: قامت هيئة السوق المالية بالعمل مؤخراً على إطلاق برنامج «الريادة المالية»، والذي يستغل الميزة التنافسية الكبيرة للسوق المالية السعودية ويطمح لتنميتها، لتصبح السوق الرئيسية في منطقة الشرق الأوسط بحلول 2020، ومن أهم عشرة أسواق مالية في العالم بحلول عام 2030، مبيناً أن الهيئة بالتعاون مع شركائها الرئيسين عملت على إطلاق عدد من المبادرات المشتركة لتحقيق هذا الطموح، والتي تتركز هذه المبادرات في أهداف السوق المالية الرئيسية وهي تسهيل التمويل، وتحفيز الاستثمار، وتعزيز الثقة، وبناء القدرات.
وقال نائب رئيس مجلس إدارة هيئة سوق المال، إن تدشين «نمو: السوق الموازية» هي إحدى مبادرات برنامج الريادة المالية، ويحقق عدداً من أهدافه، فهو يتيح التمويل عبر السوق المالية لفئة جديدة من الشركات والمشاريع المنتجة، كما أنها تمثّل إضافة للخيارات الاستثمارية المتاحة، وقناة لتنويع الاستثمارات بمعايير مختلفة من العوائد والمخاطر، وبإتاحتها إمكانية التخارج لفئة جديدة من المشاريع، فهي بذلك تزيد من وتيرة الاستثمار في تأسيس المشاريع الجديدة، إذ أصبح الآن بمتناول المستثمرين وسيلة للتخارج بعد تأسيس المشروع وإثبات جدواه.
وبارك القويز للشركات التسع التي تمت الموافقة على طرح أسهمها في السوق الجديد، وللسبع التي ستبدأ أسهمها بالتداول أمس، مبيناً أن عدد وأحجام الشركات التي بدأ تداولها في اليوم الأول، يساوي أو يفوق المعدلات المحققة في أيام تدشين الأسواق الموازية الأخرى حول العالم، وهو ما يبعث على الثقة من الاهتمام في هذا السوق وإمكانياته. وتابع: ولكن كل مراقب للأسواق يعلم أن وتيرة أي سوق لا تتسم بخط مستقيم، بل هي موجات من المد والجزر، ولا نتوقع أن تكون سوق نمو الجديد استثناء على تلك القاعدة، خصوصاً بالنظر إلى حداثة السوق وتعدد متغيراتها، وكلنا ثقة أن الإخوة في «تداول» سيعملون على تذليل أي صعوبات قد تواجهها السوق الجديد والتطرق لها بشكل سريع وفعال، وهيئة السوق المال كشريك في هذه السوق ومنظم له ستعمل على مراجعة التنظيمات لها بشكل دوري وتحديثها متى ما يلزم للتأكد من تحقيقها لأهدافها.
وعلى هامش حفل إطلاق السوق الموازية، أكد الدكتور ماجد القصبي وزير التجارة والاستثمار على أهمية «نمو» خلال تمكين السوق السعودية لتكون أكثر انفتاحاً وتطوراً. وأضاف أن السوق الموازية تمكِّن الشركات العائلية والمتوسطة والصغيرة من النمو والاستمرارية لأن السوق تضع نظام حوكمة يضمن استمرارية هذه الشركات وتعتبر فرصة لكثير من الشركات لضمان استمراريتها.
وبيّن القصبي، أن الوزارة تعمل على تحفيز الشركات الصغيرة والمتوسطة وستعقد منتدى للفرص الاستثمارية في أمريكا قريباً، منوهاً أن السوق الموازية تتوافق مع رؤية المملكة 2030 والتي تهدف إلى دعم الاقتصاد الوطني من خلال تنويع الاستثمار.
وقال إن «نمو» من شأنها توفير الأدوات والفرص الاستثمارية المطورة والمتنوعة للمتعاملين بالسوق المالية وسترفع من جاذبية القطاع أمام التدفقات الاستثمارية. كما تعزز السوق الحوكمة واستمرارية المنشآت ويرفع انتشار العلامة التجارية وموثوقيتها وتُعتبر رافداً تمويلياً آخر للمنشآت وترفع معدل الشركات الناشئة. كذلك تسهم السوق في رفع مساهمة استثمارات صناديق الرأس المال الجريء والأسهم الخاصة، وتعزز فرصة الشركات الصغيرة والمتوسطة التي لا تستطيع تحقيق متطلبات الإدراج في السوق الرئيسية.
وكشف القصبي في مقابلة مع «العربية» الخطط المنوي تنفيذها للعمل على خلق البيئة الاستثمارية وتحفيز الشركات الصغيرة والمتوسطة، مؤكداً أن المملكة عقدت شراكات مع دول اقتصادية كبرى لجذب الاستثمار الأجنبي. وقسم إستراتيجية الوزارة في دعم المنشآت الصغيرة والمتوسطة إلى 5 محاور، وهي: تسهيل الأعمال وذلك عبر تطوير الأنظمة التشريعية ومراجعتها وتطويرها وخلق البيئة الاستثمارية، كما عبر الإجراءات الروتينية ومحاولة تسهيل الأعمال. كذلك دعم وتعزيز مصادر التمويل لقطاع المنشآت الصغيرة والمتوسطة، وفي هذا السياق أسس صندوق الصناديق برأسمال 4 آلاف مليون ريال بالتعاون مع صندوق الاستثمارات العامة، كما أن هنالك أموالاً مخصصة بنحو ألفين و200 مليار ريال بالتعاون مع البنك التنمية الاجتماعية سيتم ضخها في هذه المنشآت. وأيضاً نمو وتسريع أعمال المنشآت وتسهيل الإجراءات، دعم هذا القطاع لتحويله إلى قطاع ريادي، ودعم الشركات الناشئة أو startups وريادة الأعمال.
وفي سياق منفصل، أكد القصبي أن وزارة التجارة قد أطلقت دراسة تشخيصية لمعرفة المسببات وراء التستر التجاري «وأبرزها ضعف البيئة الرقابية، والأنظمة،..) تمهيداً لوضع الحلول، كاشفاً أن الدراسة تتضمن وضع خطط لمعالجة تلك المسببات وتعديل الأنظمة بحيث يصبح للوافد الحق في الاستثمار ضمن ضوابط ومعايير محددة ودفع ضريبة بشكل واضح دون أن يضطر للتخفي. وقال إن ظاهرة التستر التجاري ظاهرة غير صحية ومضرة بالاقتصاد الوطني، مبيناً أن الوزارة أعدت دراسة متكاملة حول مسبباتها.
من جانبه، قال المدير التنفيذي لشركة السوق المالية «تداول» خالد الحصان، إن طموح «تداول» هو إدراج 38 شركة في السوق الموازية «نمو» خلال السنتين القادمتين، مبيناً أن 38 شركة هو متوسط الشركات المدرجة في 10 أسواق موازية قامت «تداول» بدراستها، مضيفاً أنه سيتم العمل على كسر هذا الحاجز.
وأشار الحصان، إلى أن السوق المالية تطمح لفتح التداول بشكل مباشر للأفراد في «نمو» خلال الفترة القادمة، موضحاً أن «تداول» اجتمعت مع أكثر من 260 شركة في إطار حثّها على الإدراج في «نمو»، إلا أن اتخاذ قرار الإدراج ليس سهلاً بالنسبة لتلك الشركات.
وأضاف أن التعاملات في هذه السوق أمس كانت ممتازة وفاقت التوقعات، متوقعاً أن يسهم ذلك في حثّ الشركات المترددة على الدخول إلى «نمو»، مشيراً إلى أن الكثير من الشركات كانت تنتظر إطلاق «نمو» لمعرفة هوية هذا السوق. وقال الحصان، إنه اعتباراً من عام 2018 سيتم تطبيق معايير المحاسبة الدولية على الشركات المدرجة في «نمو».