يوسف المحيميد
انتظر المعلمون والمعلمات تطبيق التأمين الطبي في قطاع التعليم نحو ربع قرن، وحين تم الإعلان عنه جاء مخيبًا لآمال معظم العاملين في حقل التعليم، لأسباب عديدة، من بينها أنه اختياري وليس إلزاميًا، بحيث إن الوزارة مجرد وسيط بين المعلم وشركة التأمين الطبي، وحين لا تكون الوزارة طرفًا ثالثًا في العقد، فهذا يعني أن يصبح المعلم المواطن وجهًا لوجه مع شركة التأمين، بحيث تتنصل الوزارة من الالتزامات المادية والقانونية، بل حتى ضمان حسن تنفيذ العقد وعدم الإخلال بشروطه.
فما جدوى التأمين إذا كان المعلم سيُصبِح في مواجهة مباشرة مع شركة التأمين؟ هل الجدوى في مثل هذه الاتفاقيات ضمان الإعداد الكبيرة من عملاء جهة واحدة، بحيث تضمن الوزارة عشرات الآلاف من العملاء؟ وهل ضمان المزيد من المعلمين والمعلمات الذين سيوافقون على التأمين يعني نجاح الوزارة كمندوب مبيعات؟ وما معنى أن يشجع المتحدث الرسمي للوزارة المبادرة للتأمين، بأن من يسجّل خلال الأشهر الثلاثة الأولى سيضمن المنافع الطبية للتأمين ضد جميع الأمراض المزمنة والمستعصية، وبدون حاجة لبيان إفصاح طبي، بمعنى أن من يسجل فيما بعد سيُحرم هذه الميزة، وسيكون في عقده الاستثناءات والإعفاءات عن بعض الأمراض المزمنة والمستعصية!
كنا نتمنى أن تبادر الوزارة كشريك في العقود، وتتولى المسؤولية كاملة في التعامل مع شركة التأمين حتى لو كانت تقتطع قيمة التأمين من دخل المعلم، لكن أن تتركه في العراء أمام شركة تأمين متمرسة، تعرف كيف تلوي النصوص وتفرض الاستثناءات من كثير من الأمراض والاحتياجات الطبية، التي لا تدخل في التأمين، فهو لم يكن مناسبًا لها ولدورها في خدمة أفراد القطاع التعليمي.
كل ما أخشاه أن تكون نسبة المخاطرة عالية في هذه العقود، تمامًا كما هي الرسوم المفروضة على المعلم، فمن الواضح أن الوزارة كجهة حكومية لم تكن مفاوضًا جيدًا، ولم تُدر هذا الملف بطريقة احترافية، تولي المعلم فيها الأهمية والمكانة التي تليق به.