د. محمد عبدالله الخازم
ضمن المبادرات الإيجابية دشّنت وزارتا التعليم والصحة برنامج رشاقة لخفض معدلات السمنة في المدارس، الذي وصفه معالي وزير التعليم بأنه برنامج مهم لتوعية أبنائنا بخطورة السمنة. تخفيض السمنة يتم عبر تغيير الأنماط الغذائية والنشاط البدني. النشاط البدني هو الجانب الأهم للصغار والمراهقين، والمؤكد أن أبناءنا لا يمارسون الحد الموصى به علميًّا للنشاط الرياضي. ويزداد الأمر سوءًا مع طبيعة الحياة الراهنة التي اختطفت فيه أوقات الأبناء والبنات عن طريق وسائل التواصل الحديثة والحياة الرقمية التي أسهمت في تقليص النشاط البدني والمشاركة الاجتماعية بصفة عامة.
عدم التعوُّد على الحركة الرياضية والنشاط البدني في الصغر يبقى معنا عادة بقية مراحل العمر؛ وبالتالي يزيد من مخاطر السمنة والأمراض المختلفة التي ليس التوسع فيها هنا باعتبار هذا مقالاً صحفيًّا عامًّا، وليس مقالاً علميًّا حول السمنة والحركة والنشاط البدني، وباعتبار الأضرار أصبحت مسلَّمات علمية، يعرفها الغالبية. إذا لم يتعوّد الشخص على الرياضة والنشاط البدني والحركة النشطة بداية عمره فإنه سيصعب عليه تأديتها متأخرًا.. وليست الأبحاث فقط تشير لذلك، بل إن الأمر يُعتبر معاناة، يشعر بها كثير منا، ومنهم كاتب المقال.
هذا يعني ضرورة تحوُّل النشاط البدني والرياضة إلى جزء من عادات الصغار والمراهقين. ولكن هناك معوقات تبدأ داخل الطفل أو المراهق، مثل شعور الخجل من الأقران، الخوف من الفشل، القلق من عدم إجادة اللعب، التوتر من المشاركة... إلخ. تأسيس الملعب وإيجاد المسابقات دون مناهج وبرامج مؤسسة ومنظمة للجميع لن يكفي..
تلك مهمة المدرسة والمدرس: التأكد من إشراك وتحفيز جميع الطلاب في النشاط الرياضي بشكل منتظم. وهنا يأتي سؤال آخر: هل حصة واحدة في الأسبوع كافية لزرع عادة في نفس الطفل أو الشاب كعادة الرياضة؟
في الواقع، وجود حصة واحدة أسبوعية في مناهجنا يُعتبر عاملاً منفرًا أكثر منه جاذبًا للرياضة، والتعامل مع هذه الحصة يكون إما بإهمالها من قِبل المعلم والمدرسة، وجعلها مجرد حصة فراغ ترويحية، أو العكس بإجبار الطلاب فيها على اللعب وتحول النشاط لديهم إلى موضوع مكروه.. وليس هذا الهدف الذي نرجوه وتروجه مبادرة رشاقة.
علميًّا، وكما تشير الكلية الأمريكية للطب الرياضي، يوصى بأن لا يقل النشاط البدني للأطفال والمراهقين (مع استثناء الحالات المرضية) عن 60 دقيقة يوميًّا، بما في ذلك مشيهم ولعبهم داخل وخارج المدرسة؛ لذلك يجب أن تكون حصص التربية الرياضية يومية أو ثلاث مرات بحد أدنى؛ لنستطيع زرع عادة الممارسة الرياضة، على أمل أن يحصل الطالب على بقية احتياجه الرياضي خارج المدرسة. إذا لم يزرع التعليم عادة ممارسة النشاط البدني فلا معنى للحصة الرياضية!
تلك حقائق علمية، وهناك حاجة لصهرها ضمن استراتيجية وطنية، ربما عن طريق عقد ورشة عمل/ تنفيذ دراسة/ دراسات متخصصة في هذا الشأن. النشاط البدني مفتاح أساس من مفاتيح تحسين المستوى الصحي، والاهتمام به يشكّل إحدى نقاط تأسيس أمننا الصحي المستقبلي.
ربما يرى البعض أن رشاقة مبادرة معنية بالتوعية والتثقيف، لكننا نريد أن نأخذها إلى أبعد من ذلك، بجعلها تحوُّلاً في المنهج الدراسي يقود إلى نتائج ملموسة!