د. عبد الله المعيلي
جاء في الحديث الذي رواه أحمد عن ثوبان رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «يوشك أن تداعى عليكم الأمم كما تداعى الأكلة على قصعتها» قيل: يا رسول الله: أمن قلة بنا؟ قال: «لا ولكنكم غثاء كغثاء السيل تنزع المهابة من قلوب عدوكم منكم، ويوضع في قلوبكم الوهن» قالوا: يا رسول الله: وما الوهن؟ قال: «حب الدنيا وكراهية الموت».
إنها حال كثير من أهل السنة والجماعة اليوم، خاصة أولئك الذين يزعمون أنهم هم ممثلو السنة، وينحون علماء المملكة الذين هم الممثلون الحق لأهل السنة والجماعة، فقد ران الوهن على البعض، وبكل طواعية يحرصون على مجاراة الواقع والتكيف معه حتى لو كان ذلك يقتضي تنازلاً عن أصول السنة ومصادرها الشرعية الأصيلة، وبدلت الأولويات، فصار الانشغال بالدنيا هو الغاية والمبتغى، وعدم التصادم مع الغرب أولوية على حساب المبادئ، ولم يعودوا يحملون هم الدعوة ونشر رسالة التوحيد الذي خلق الله عباده ليوحدوه وحده سبحانه وتعالى، ويحققوا معنى «لا إله إلا الله» قولاً وعملاً، وهو «لا معبود بحق إلا الله»، قال تعالى: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} (5) سورة الفاتحة، وقال تعالى: {وَقَضَى رَبُّكَ إلا تَعْبُدُواْ إلا إِيَّاهُ} الإسراء الآية 23»، وقال تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إلا لِيَعْبُدُونِ} (56) سورة الذاريات.
هذه عقيدة أهل السنة والجماعة، تحقيق معنى «لا إله إلا الله»، فلا معبود بحق إلا الله، المذاهب الأخرى يزعجها هذا، فهي تعتقد وتؤمن بممارسات بدعية شركية تنافي معنى «لا إله إلا الله»، ومن هنا أطلقت تلك المذاهب دعاوى محاربة أهل السنة والجماعة الحقة، واستبعادهم من هذا العنوان الأصيل الذي يسعى أهل السنة والجماعة الحقة إلى تأصيله ودعوة الناس إلى الامتثال به والبعد عن كل ما يخالفه من ممارسات ابتدعها الصفويون المجوس، وكثير من غلاة الصوفية وغيرهم مما يتعذر حصره من المذاهب البدعية التي يدعو لها دعاة جهنم عبر وسائل إعلامهم واحتفالاتهم وردحهم في المساجد.
ومما لم يعد سرًا، بل هو معلوم واضح وضوح الشمس في رابعة النهار، أن الأمم على اختلاف مذاهبها ومعتقداتها وأخص «الشيعية المجوسية والصوفية وصهاينة اليهود والنصارى» وغيرها من المذاهب والنحل تعد الإسلام السني عدوها الأول، وأنها لم ولن تجرؤ على المجاهرة بمعاداة الإسلام السني، وبحثت عن مدخل مناسب لتنفيذ أجندتها وخططها الشيطانية التي تهدف إلى تشويه الإسلام السني وتأليب الرأي العام العالمي ضده.
ووجدت ضالتها في من لا يمانع من التكيف معهم والتواصل، في محاربة الإرهاب الذي يزعمون أن أهل السنة الحقة هم من يغذيه ويدعمه وفق مفاهيم أهل السنة المتطرفة، فصنعت تلك القوى المعادية دمية قذرة «القاعدة وداعش» تبنت مفاهيم الإسلام السني في أسلوب مخاطبتها للعامة، والاستشهاد بالآيات والأحاديث النبوية الشريفة زورًا وبهتانًا، بينما هم في حقيقة الأمر مجموعة من المجرمين، تبنوا مفاهيم الإسلام السني للتضليل وتسويغ عملياتهم الإرهابية، وأدعو أنهم يستمدون فكرهم من كتب دعوة محمد بن عبد الوهاب الإصلاحية.
ومن هنا نسجت خيوط المؤامرة، وأعلنوا صراحة أن الوهابية هي عدوهم، ومن هنا التقت إرادات قوى الشيطان على معاداة السعودية يساندهم من يدعون أنهم هم أهل السنة الحقة، وفي حقيقة الأمر همهم محاربة السنية التي تلتزم بها السعودية حيث لا خرافة فيها ولا بدع، لا بكائيات ولا ردح يشبه ردح الرقص.
وعلى الرغم من تداعي هؤلاء الأعداء إلا أن المملكة سوف تلتزم بالسنة الأصيلة، ولن تخشى في ذلك لومة لائم، ولن تخيفها جحافل الباطل وقوى الشر مهما كانت قوتها، ستظل مظلة لكل مسلم سني محفوظة بحفظ الله وإيمان شعبها والتفافه حول قيادته.