حمّاد السالمي
* توقفت مليًّا عند الكلمة التي ألقاها الدكتور (عادل الجبير)؛ وزير الخارجية السعودي أمام مؤتمر الأمن في ميونخ بألمانيا قبل أسبوع، وتحديدًا عند قوله: (إن إيران تريد من الشيعة في جميع أنحاء العالم؛ أن يكونوا تابعين لها وليس لدولهم).
* تمنيت لو أن هذه الإلماحة الذكية؛ أو الرسالة المهمة التي أطلقها وزير خارجية المملكة في محفل دولي كبير؛ تصل لكافة إخوتنا العرب من طائفة الشيعة؛ من أولئك الذين يتعاطفون مع حكومة الملالي في طهران؛ وينساقون بمشاعر دينية خلف بكائياتها ودعاياتها الخبيثة المتلبسة بالدين، وما يعكسه إعلامها المزيف؛ من حرص على مصالحهم ومنافعهم، وهو في حقيقته تكريس للوصاية على الشيعة العرب لتفريسهم إن أمكن؛ أو الثأر والانتقام، وتذويب القومية العربية في مشروعهم الصفوي الكبير الذي يستهدف كل المنطقة العربية.
* ولأن مثل هذا الأمر الخطير؛ يهمني كأي عربي غيور على قوميته العربية المستباحة في منطقة عربية مشتعلة طائفيًا؛ فإني أتساءل بكل تجرد: إلى متى يظل (بعض) العرب الشيعة في أكثر من قطر عربي؛ ضحايا المد الصفوي بلباس مذهبي، وأدوات طيّعة لتصفيات سياسية وطائفية تقف وراءها إيران الفارسية..؟ ومتى يستيقظ الشعور العربي الشيعي؛ ويدرك أنه منذ زمن بعيد؛ وهو خاضع لمشروع تفريس صفوي ممنهج، وأنه يُستخدم طائفيًا في حروب إقليمية هدفها تقويض الدول العربية القطرية، وتهريس البنية الاجتماعية لكل دولة عربية على حدة، كما هو الحال في العراق وسورية ولبنان واليمن، وما تتعرض له مملكة البحرين؛ وهذا كله جزء من المخطط الصفوي الفارسي الكبير الذي لا يستثني العرب الشيعة أينما كانوا..؟
* لم يعد خافيًا على أحد؛ أن المشروع الصفوي الفارسي في عهد الملالي الخمينيين؛ مشروع قائم على العدوان ورعاية الإرهاب وتوجيهه لصالح مخططاتهم. فإيران الخمينية- كما حدّد وزير الخارجية السعودي- التي لم تتعرض حتى اليوم ولا لعملية إرهابية واحدة، لا من داعش ولا من القاعدة؛ (تشكل أكبر دولة راعية للإرهاب في العالم، فهي تهاجم السفارات الأجنبية في طهران، وتزرع الخلايا الإرهابية النائمة في دول الجوار والعالم، وتعمل على تغيير الأنظمة بدول الشرق الأوسط، وتؤوي إرهابيي القاعدة، وتثير القلق في الشرق الأوسط، وتصدر الثورة، وليس لديها مفهوم واضح للمواطنة، وتسعى جاهدة للسيطرة على الشيعة في كل العالم، وتتدخل في شؤون عدد من البلدان، ولا تحترم القانون الدولي، وتمول الحوثيين في اليمن بالأسلحة).
* إن من يقرأ تاريخ العلاقة بين الفرس والعرب منذ مئات السنين؛ لا يجد أكثر من كراهية الفرس للعرب، وحقدهم وعدائهم الذي ظل يلازمهم حتى بعد دخول بلاد فارس في الإسلام، وخضوعها للحكم العربي الذي امتد لفترة طويلة. العداء كان قائمًا، والاحتراب كان دائمًا، ويأتي هذا كله تحت راية مذهبية ضدية بين السنة والشيعة، يستغلها الصفويون لفرض الهيمنة. فهم يخططون للتخريب والتدمير؛ وأهل الأرض من (بعض) الشيعة العرب؛ ينفذون مخططاتهم بكل غباء وبله، ولو اقتصر الخلاف الضدي المذهبي بين سنة وشيعة عرب في بلدانهم دون تدخل صفوي فارسي؛ لما وصل الحال بنا إلى ما هو قائم، من فتن وقتل وتدمير وتفتيت للبنى السياسية والاجتماعية والاقتصادية، ليس له مثيل من قبل.
* قد يقول قائل: وماذا عن الطرف الضدي الآخر في المعادلة المذهبية القائمة في المجتمعات العربية المشتعلة..؟
* ليس من المنطق ولا من العقل؛ تبرئة الضدية السنية هي الأخرى مما يجري على الساحة العربية، وخاصة القريبة والمحادة لإيران، فهناك غلاة ضديون في السنة العرب كما هو الحال في الشيعة العرب، ولكن المنطق يقول: بأن كلا الفريقين هما أهل وإخوة تجمعهم المواطنة إذا فرقتهم المذهبية، وخلافات الأهل والإخوة لا تستلزم تدخل الغرباء من خارج البيت. إيران تستغل خلافات أهل البيت العربي الواحد؛ لكي تحشر نفسها مع طرف ضد آخر، وبهذا تصب المزيد من الوقود على نار خلافاتهم المذهبية القديمة الجديدة، التي تتشعب تبعًا لذلك إلى صراعات سياسية ومناطقية وعرقية. هذا ما حدث من قبل ويحدث اليوم، وكلا الضدين العربيين الشيعي والسني؛ يستجيب بكل حماقة مع الأسف؛ للتدخلات الإيرانية، بتأجيج الخلافات، وتوسيع الصراعات، ما يؤدي إلى (الاصطفاف الطائفي)، والارتماء أكثر في أحضان الفرس من قبل (بعض) الشيعة العرب، والانحياز أكثر من قبل (بعض) السنة لجماعات متطرفة؛ تشعر أن وجودها في أرضها؛ مهدد من قبل مليشيات وحشود شيعية دموية، تمولها وترعاها إيران على أراضٍ عربية بحتة.
* وفي ظل المتغيرات السياسية الجديدة في الشرق الأوسط، التي تقودها الولايات المتحدة في عهد الرئيس (دونالد ترامب)؛ حيث أصبحت إيران في أوضاع حرجة مع المجتمع الدولي؛ فهناك فرصة عظيمة اليوم أمام المرجعيات الدينية لكلا الطائفتين العربيتين الشيعية والسنية؛ للمراجعة، وفهم الموقف على حقيقته، برفض التبعية لإيران؛ وإعلان التمرد على مشروعها الصفوي الخبيث، ونبذ التطرف والعنف، ومحاربة الإرهاب بشتى صوره وألوانه، حتى لو كانت إيران هي الراعية والداعمة له في أشخاص ودمى شيعية وسنية عربية، تعبث بالأمن العربي، وتهدد الوجود العربي، وتكرس وصايتها، وتدعم مشروعها الصفوي لتفريس العرب أو تهريسهم على أرضهم.
* انتبهوا يا بني يعرب.. خذوا حذركم. قبل أن تفرّسوا أو تهرّسوا.