الأغصان المعدة للحرب هيأت ذاتها للسلام، ولكن هل من سلام يتربى على حس الأشجار وهي التي شكلت تحت جذورها قبورا للجثث المتسربة الى جذوعها ليس بعد فبكاؤها الممتلئ بوعود الانتقام فاض بغابات الفجر والليل ولم يعد للرماد نار تهوى الاشتعال فالأطفال ثكالى يحاولون نسيان آبائهم وأمهاتهم المغامرات بطفولتهم الأخيرة حتى تبنتهم الأشجار المتشابكة كحضن غارق في الفطرة النبيلة التي لاتعرف فرقا بين الإنسان والحيوان والنبات..كلها أمومية ولها حضن كبير.
ترفرف أعناق الخصوبة الحرة بكثير من الثمر الربيعي الذي لايجرؤ على إطعامي نضوجه بفضل اختلاف الظروف والأمكنة فالحياة لاتهبنا مانشاء دونما سبب.
هل كنت ظالمة إلى حد حرماني من تذوق ثمرة ناضجة ولم وأنا التي لم أجرؤ يوما على قطف وردة أو فصل ضلع غصن أخضر او اصفر عن فرعه ؟!.
أتذكر كيف كان المكان عقيما وأنا أتضور في استعادة حلم شعري لا يشاركني في تصوره غير كرسي قلبي وميكرفون وصدى صوتي المبحوح بي والصدى شجن مستباح لايحفظ سرا .
أخرج من حالتي الشخصية دون مقعد ولا روح.
إننا والحياة تقحمنا في متاهاتها الغائرة نعزي ذواتنا بحماقاتها المأفونة ليس من ذنب أو خيانة اقترفتها بل بفضل إخلاصها حتى في نزف خلاصها البائس بحيرتنا المفرطة .أعترف بأنني لا أؤمن بالنهايات وألح على قلبها بالسفر إلى بدايات جديدة ولكنها تسخر بي لتعلن عن غضبها الذي يقتص مني حيث له القدرة على استحداث استقلاله بخاتمة لاتريد أن تموت على ظهر بداية غير مضمونة فتدعوني قبلها إلى تذوق مائدة عجزي بكل ما أمكنها من عزم على صقل جروحي بالثكنات التي تجعلني لا أعيد الكرة.
أين أنت مني في هذا النهار الجميل أيتها المعاني والأفكار فالهواجس تلعب بحسي وتشوش حدسي بأوهامها؟.
كثيرة هي ثغرات مواجعي الخاصة ولكني لا أتوصل إليها بعمق تفكري بل أراها تعوم على سطحي ولايغريني المنظر فأتهرب منه دائما.
عواصف انكساري تشدني نحو وحدتي لأبكي بحرية دون أن يقرأ دمعي الخريف أويعلن أجراس هزيمتي. إنني هيكل من كل عظم بائس في كل رمل طافح باليابس الذهبي. هي آخر نشيج لروحي مملوء بصمتي، كل ما حولي يعض جثتي ليتأكد من نبضها .الغرفة المجاورة لقلبي تصقل هواء رئتي وتمسك بإصبعي المشقوق بالكلمات ولامعنى يصحو من جذوعي، أنا فقرة العظم الأخيرة إنني في زهرة اعوي كعطر هائم، لو أستطيع أعدت ترتيب سمائي وأعدت لكل نجمة بريقها المفقود بفضل ضباب طائش.
- هدى الدغفق