قرأت ذات مرة طرفة أعيد تدويرها كثيراً في مواقع التواصل الاجتماعي ولا أدري في الحقيقة عن مدى صحتها، غير أن الطرفة تقول: «إن رجلاً متقعرا، قال لصاحبه في يومٍ شديد البرودة: يا له من برد عصبصب هلوف ضنبر، فرد عليه صاحبه قائلا: والله إن كلامك هذا مما يزيدني برداً».
سألت الكثير من أهل اللغة وبحثت كثيراً عن معاني تلك الكلمات التي وصف بها الرجل شدة البرد، غير أنني لم أصل إلى إجابة واضحة حول معانيها، والإجابة الجميلة التي اختصرت كل تلك الأسئلة والأحاديث هي إجابة أحد أعمدة اللغة والبلاغة حين قال:
هناك بعض الكلمات استخدمت بشكل قليل في اللغة، ولدى بعض الفصحاء إلا أنها لم تعمّر طويلاً واندثرت مع تداخل اللهجات وتنامي بعض اللغات واختلاط فصيح الكلام باللهجة العامية، وتعريب بعض الكلمات وتغريب بعضها.
ومن المعروف أن أبجدية اللغة العربية قد مرت بعدة تحولات بين النمو والازدهار وبين الخفوت والاندثار، ويتضح ذلك جلياً لدى المهتمين بعلم الألفاظ واللسانيات، وقد كتب عبدالله بن إبراهيم العسكر قائلا: «نحن في حاجة ماسة لما يمكن تسميته ذاكرة الألفاظ العربية، بدءاً من تاريخ ظهور الكلمة واستعمالها، وتاريخ تطورها وتحولها واختلاف دلالاتها».
فحتى على مستوى اللهجات العامية هناك بعض الكلمات التي مازال أهل القرى والمحافظات يتمسكون بها بشكل أكبر من تمسك أهل المدن بها، وهذا يضعنا أمام محاور بحثية عن الكلمات ومدى تأصلها وتجذرها واحتفاظها برونقها واستمرار استعمالها لدى أهل القرى دون أهل المدن.
الأهم من ذلك كله أن المجلدات التي حفظت بيان اللغة وسحرها، مازالت بعض الكلمات عصية عليها، وربما للكلمة تاريخ أقدم مما تم تدوينه.
- عادل بن مبارك الدوسري
aaa-am26@hotmail.com
@AaaAm26