الرياض - خاص بـ«الجزيرة»:
الإسلام عقيدة وشريعة ونظام يغطّي كل جوانب الحياة والعلاقات بهديه وتوجيهاته، ونحن كمسلمين علينا أن نؤمن بوجود هدي إسلامي في المجال الاقتصادي، وأن نشتق من ذلك الإيمان معرفة علمية سليمة، وأن نطبّق ما توصّلنا إليه من علم في حياتنا.
وفي الإسلام العديد من الأوامر والنواهي والتوجيهات الاقتصادية في مختلف المجالات، ومن هنا فإن وجود علم للاقتصاد طبقاً للهدي الإسلامي هو فرض شرعي شأنه شأن بقية الفرائض الشرعية.
«الجزيرة» طرحت تساؤلاتها على خبراء الاقتصاد الإسلامي في جامعاتنا حول كيفية انطلاق نهضة الاقتصاد الإسلامي في المجتمعات الإسلامية.
وكانت رؤاهم الموجزة المركزة التالية:
الترف الفكري
بدايةُ يؤكّد د. عابد بن راجح العبدلي على الحاجة إلى نقل الاقتصاد الإسلامي من التنظير المثالي إلى التطبيق العملي، وفي الوقت الحاضر مصانع الاقتصاد الفعلية هي المؤسسات المالية وشركات التأمين والتصنيف الائتماني هي من توجه رؤوس الأموال شرقاً وغرباً وهي من تحدد أسعار الفائدة ومنها إعادة تخصيص الموارد، حتى أصبحت هي الرابح الأول من ديناميكية الاقتصاد ومصبا لتركيم الثروات، وصارت مؤسسات الفوائض والإقراض وتحويل أفراد المجتمع بل وغيرها من المؤسسات الضعيفة وحتى الحكومات إلى رقيق لأموالها وقروضها، وهو عصر الرق الاقتصادي.
وفي ظل هذا الحديث عن الاقتصاد الإسلامي هو خيال وترف فكري سيبقى يداعب عواطف وأحلام الناس. الرأسمالية لم تنتشر من تلقاء ذاتها إنما بفرضها بقوة الاستعمار.
ونهضة الاقتصاد الإسلامي لن تنطلق إلا من ثورة في سلوك الأفراد أولاً ثم المؤسسات الاقتصادية.
مقومات أساسية
ويبيّن د. زيد بن محمد الرماني أنّ نهضة الاقتصاد الإسلامي تنطلق عندما تكون هناك نوايا حقيقية وصادقة وواقعية عند الدول الإسلامية حكاماً وشعوباً، وعندما يكون هناك واقع اقتصادي مبني على أسس الاقتصاد الإسلامي المؤكدة في القرآن والسنة والمبثوثة في كتب علمائنا ورواد الاقتصاد الإسلامي، وعندما يتحقق للاقتصاد الإسلامي الدعم الحكومي والبناء المؤسسي مع توافر المقومات الأساسية لإقامة بناء اقتصادي فعلي واقعي تطبيقي تنافسي محلياً وإقليمياً ودولياً.
الشح والبخل
ويقول الأستاذ عبدالقيوم بن عبدالعزيز الهندي حتى تنطلق نهضة الاقتصاد الإسلامي في المجتمعات الإسلامية، من المهم تحديد نقطة البداية بشكل دقيق، مع اعتماد منهج التدرج في تطبيق الاقتصاد الإسلامي.
وذلك من خلال تفعيل مؤسسة الزكاة أولا، وإيجاد ثقافة اجتماعية ووعي أخلاقي بقيمة الزكاة وانعكاساتها الإيجابية على المجتمع، قبل أن تكون فريضة مالية. والخطوة الثانية بعد تفعيل مؤسسة الزكاة، منع الربا. لأن الزكاة علاج لأمراض الشح والبخل التي يقوم عليه الربا؛ ولذا كان البدء بالزكاة ضروريا لاجتثاث الربا من أصوله. كما أن الزكاة تعمل على تخفيف حدة التفاوت في الثروة بين فئات وأفراد المجتمع. فإذا وجد التمويل الإسلامي بعد ذلك فإنه سيتجه إلى دعم النشاط الإنتاجي الذي يحقق النمو الاقتصادي على نحو متوازن بين فئات المجتمع.
أما إذا وجد التمويل الإسلامي قبل تفعيل مؤسسة الزكاة، فإنه سيتجه لتلبية المتطلبات الاستهلاكية بدلا من الأنشطة الإنتاجية، وهو ما يدخل المجتمع في دوامة الديون، وبالتالي زيادة الفجوة بين الفقراء والأغنياء، وهو ما يتقاطع مع أهداف الاقتصاد الإسلامي.