يمثل معالي الشيخ الدكتور عبدالرحمن السديس الرئيس العام لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي وإمام الحرم المكي، شخصية مهمة، وقامة علمية ودينية بارزة لها تأثيرها، وتمثل آراؤه مرجعا دينيا وثقافيا واجتماعيا.
والشيخ السديس جمع العلوم الدينية بالخبرة الإدارية والتواصل المباشر مع المسئولين، والاطلاع على أعمال الجهات الحكومية وجهودها، ويتحدث دائما عن اطلاع وبحث.
ولذا فإن من المهم إبراز ما تحدث به في أكثر من مناسبة عن رأيه في السياحة والآثار لكونها تمثل رأيا دينيا من شخصية لها وزنها وحضورها الفاعل.
فمن أبرز آراء الشيخ ما قاله في كلمته بحفل توقيع اتفاقية التعاون بين الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني والرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي، حيث أكد أن السياحة والآثار رسالة وطنية وتاريخية عظيمة يجب على الجميع أن يُسهم فيها، وننهض بها ونبرز للأجيال كيف قامت المملكة على موروثات تاريخية، وعلى أعلى وأعز المقومات السياحية والأثرية.
وحول موقف البعض من السياحة أو الآثار والنظرة إليهما أشار الشيخ السديس إلى أن «بعض الناس وقف موقفاً بين الغلو والجفاء؛ فمنهم من رفض كل ما يتعلق بالسياحة والآثار، ومنهم من أرادوها بدون انضباط وقيم ومثل وعقائد وأصول ومبادئ، لكن هذا العمل إذا كان مبنياً على الضوابط الشرعية، وتعزيز الجوانب العقدية، والتاريخية، والحضارية، والمحافظة عليها، فإن ذلك من أجل الأعمال».
ويرى الشيخ السديس أن الاهتمام بالسياحة والتراث هو المنهج المطلوب حيث «يختطف الإسلام اليوم من جماعات إرهابية، تجعل العنف والدموية والإرهاب، وسفك الدماء المعصومة منهجاً لها وسبيلاً، وتأتي فئات أخرى لتضيع الهوية ولتعيش الانهزامية، وتنسى إرثها وتاريخها».
وفي جانب آخر، يؤكد الشيخ السديس أن الاهتمام بالآثار ليس اهتماماً بتراب، أو صخر، أو حجر وإنما هو رسالة، وهي رسالة عقدية أيضاً، بأن عقيدتنا الإسلامية السمحة أسمى من تقديس صخر أو حجر، ولكنها لا بد أن تراعى في مثل هذه الآثار والسياحة الضوابط الشرعية، والمنطلقات العقدية التي تحملها رسالة السياحة والآثار، والخصوصية، والميزة في بلادنا؛ فعندنا من المقومات، ونحن نرفع الرؤوس، ونفخر بهذا، ما ليس عند غيرنا، ويكفينا الحرمان الشريفان شرفاً وبهاءً وجلالاً وجمالاً وكمالاً».
هذه بعض من آراء الشيخ السديس، وآراء أخرى لمشايخ وأعضاء هيئة كبار العلماء مثل الشيخ عبدالله المنيع، والشيخ عبدالله المطلق، وأيضا الشيخ صالح المغامسي وغيرهم، وهي آراء تعكس النقلة النوعية المهمة التي يشهدها المجتمع وشخصياته تجاه السياحة والآثار بعد أن كانت تحاط في السابق بالكثير من الشكوك والقناعات المغلوطة أو المنقوصة.
وهذه النقلة في المفاهيم والوعي والقناعة نجاح يجير لهيئة السياحة والتراث الوطني ولرئيسها الأمير سلطان بن سلمان الذي أكد في أكثر من مرة حرص الهيئة على استشارة علماء الدين والاسترشاد برأيهم في كل أنشطتها وجهودها.
ولاشك أن وضع الهيئة لجان استشارية لبرامجها ومنها اللجنة الاستشارية للآثار، واللجنة التوجيهية لبرنامج العناية بمواقع التاريخ الإسلامي التي تضم علماء دين وأعضاء في هيئة كبار العلماء، يؤكد الحرص على أن إشراك المجتمع بكل فئاته، خاصة علماء الدين في الأنشطة والمشروعات كافة المتعلقة بالسياحة والتراث، لذا فإننا لم نلمس أي انزعاج أو انتقاد أو معارضة لهذه المشروعات.
- سعود المقبل
mogbels@scth.gov.sa