القاهرة - سجى عارف:
على هامش فعاليات معرض القاهرة الدولي للكتاب التقت «الجزيرة» عدداً من المثقفين والأدباء وأصحاب دور النشر للوقوف على مشاركة المملكة وما يقدمه الجناح السعودي بمعرض القاهرة للكتاب، ورؤيتهم للمشهد الثقافي السعودي وما وصل له الآن.
يقول الدكتور عبدالله بن صالح الوشمي الأمين العام لمركز الملك عبدالله الدولي لخدمة اللغة العربية إنَّ المشاركة السعودية أو أي مشاركة ثقافية تنهض بها أي دولة لتنفذ برنامجها في دولة أخرى هي وسيلة مهمة ونوعية مهما رأينا أنها محتاجة لتدشين أواصر الثقافة والتواصل المستمر ونحن في الجناح السعودي بمعرض القاهرة الدولي للكتاب المملكة تقوم باستضافة مصر ضيفاً للجنادرية إضافة إلى أن مصر تستضيف المغرب في معرض الكتاب، هذا الحراك العربي الثقافي يجب أن ننظر إليه بعين التقدير والتطوير المستمر ويسرني أن أجد الاستعدادات مهما كانت متأخرة بسبب إداري لتنسيق المشاركة السعودية إلا أنها أخذت صيغة جيدة، حيث أتحدث معكِ والجمهور المصري يتجول داخل الجناح السعودي، وقد شهدت في بداية المعرض إقبالاً وزحاماً كبيراً على الجناح السعودي، وأعرف أن بعض الأجنحة تشهد إقبالا على الاقتناء والشراء لإصداراتها، وهذا طبيعة الجمهور في معرض القاهرة فهناك من يأتي من أجل الاطلاع على الحركة الثقافية العامة أو التواصل مع الجهات والجامعات السعودية أو الاطلاع على الرئاسة العامة لجهود الحرمين الشريفين إلا هذا لا يقلل من أن الحاجة الثقافية تفرض على الجهات المعنية وعلى رأسهم وزارة التعليم أن يكون لمشاركاتها أثر مهم في المشاركة الثقافية بشكل عام.
اللافت لي أن بعض التعاطي الثقافي مع الطلاب والشباب ينظر إليهم بأنهم من المستفيدين فقط والواقع أنهم شركاء في الثقافة والمعرفة ومشاركون فيها، ويسعدني أن أجد الطلاب السعوديين في مصر مشاركين في الجناح السعودي وأتمنى أن يحذو الطلاب السعوديون حذوهم في مختلف معارض دول العالم لاسيما أن معرض الرياض الدولي يحظى بحضور نوعي لمختلف شرائح الشباب.
قفزات نوعية للثقافة بدعم من خادم الحرمين الشريفين
ومن جانبه، يوضح الدكتور حسن لجوج وكيل جامعة الملك فيصل للدراسات العليا والبحث العلمي لـ»الجزيرة» أنه بلا شك هناك تطورات كبيرة ونرى تميزاً وتطوراً عاماً بعد عام في الجناح السعودي إضافة إلى التنافس والتطور الذي تقدمها الجامعات والمشاركون خلال الجناح السعودي، وجامعة الملك فيصل أحد المشاركين، إضافة إلى ما يتم عرضه من كتب علمية ومرجعية، كما يتم عرض لمشاريع الجامعة وآخرها تدشين المدن الجامعية التي تعتبر معلما من معالم المملكة، وتضم كليات أدبية وعلمية وتضم مجمعا طبيا ضخما محققاً لرؤية المملكة، كذلك عرض أبحاث الجامعة التي حصلت على براءة اختراع.
وعن الثقافة في المملكة يقول الدكتور لجوج إن الثقافة في المملكة قفزت قفزات نوعية بدعم من خادم الحرمين الشريفين واهتمام الدولة ممثل مشارك في العديد من القطاعات، بل شكلت هيئات خاصة في الثقافة والإعلام وفي مجال الكتابة والمجال الأدبي، ونتوقع أن يصل الشباب السعودي ليصبح من أهم رواد العلم والكتاب في العالم.
عن رسالته للطلاب يقول الدكتور لجوج: اهتم بالعلم لأنه يبني الأمم واختر المجال الذي يلبي رغباتك واستفد من التقنية، وتعتبر المكتبة الرقمية لدى جامعة الملك فيصل من أفضل المكتبات الرقمية والاستفادة من قواعد البيانات المشترك فيها الجامعات السعودية والتي سهلت كثيراً على طالبي البحث العلمي، كذلك تطوير الذات كشخص والاستفادة المثلى من المعارض، ومن قواعد البيانات والاطلاع الذي يتوصل له العلم يوما بعد يوم، وطلابنا في الخارج لهم اهتمام ووضع خاص من وزارة التعليم؛ فالطلاب أو الجامعات التي ينتمون لها هم أفضل سفراء فهم القدوة المثلى للمملكة، لأنهم متواجدون في عدة أماكن، فهم خير من يمثل بلدهم ونطلب منهم بذل المزيد من الجهد ونطالبهم بالتواصل مع مقيمي الدول، وأن الطلاب عليهم العودة بعد تسلحهم بسلاح العلم.
وعن رؤية المملكة 2030 يقول: رؤية طموحة سوف تتحقق بهمة الرجال والمسئولين، على رأسهم خادم الحرمين الشريفين وولي العهد وولي ولي العهد وهي رؤية قابلة للتحقق لأنها سوف تنقل المملكة العربية السعودية نقلة نوعية بإذن الله.
الثقافة السعودية وجدت طريقها بعمق مادتها ورزانة منتجها العلمي
من جانبه، أثنى المثقف سليمان السويد، صاحب إحدى دور النشر داخل الجناح السعودي على تنظيم الجناح وحفاوة الاستقبال بداخله، ويقول لـ»الجزيرة»: اليوم نجد تألقا واضحا في معالم الكتاب السعودي، بل أن الثقافة السعودية قد وجدت طريقها نحو اقتحام ثقافات العالم العربي والأجنبي بعمق مادتها ورزانة منتجها العلمي ويلاحظ في أي معرض دولي يتواجد الكتاب السعودي معبراً عن ثقافته الأصيلة، وكل ذلك بفضل حكومتنا الرشيدة ودعمها للثقافة والمثقفين السعوديين داخل وخارج المملكة.
وفي إطار أهمية وسائل الاتصال يؤكد السويد أن التلفزيون لم يلغ الراديو والأخير لم يلغ الكتاب، بل زاد قوة وعمقا وثباتا وتطورا وتعددا في مخرجاته وطرق إنتاجه، بل أنه يواكب التطور الرقمي بشكل واضح وكبير وأن على الكتاب والمثقفين السعوديين حضور مثل هذه المعارض السعودية خارج المملكة والمشاركة بها والاحتفاء بالكتاب السعودي داخل وخارج المملكة.
الخروج بنتاج الأندية الأدبية إلى العالمية لتكون نوافذ مشروعات للأدب السعودي خارج المملكة
وعن دور الأندية الثقافي في المملكة، يقول الشاعر أحمد الحربي، رئيس نادي جازان الأدبي سابقاً لـ»الجزيرة»: لا نريد أن نحصر الكاتب السعودي داخل الأندية الأدبية فالكاتب السعودي بصفة عامة هو الكاتب المنفتح على الثقافات العربية والثقافات العميقة التي لها جذور أصيلة من الإرث العربي، ويستقي من مبادئ الإسلام ومن شرائعه السمحة، فعندما يكتب الكاتب السعودي فإنه يكتب وهو ملم بكل هذه المثل وكل هذه القيم ويقدم رسالة عن وطنه وعن بلده ورسالة عربية واضحة المعالم للمجتمعات الأخرى، في حال أنه يقدم نتاجاً أدبياً أو نتاجاً إعلامياً أو تاريخياً للشعوب الأخرى ليتعرفوا على المملكة العربية السعودية أرضاً وشعباً .
ومن خلال زيارتي للجناح السعودي وجدت عدداً من دور النشر، وكنت أتمنى أن تكون الجامعات السعودية لها حضور أكثر فاعلية في الجناح، ومعرض القاهرة الدولي للكتاب هو من أرقى المعارض، ويعتبر سوقاً عربياً للكتاب الأدبي بشكل خاص والكتاب العربي بصفة عامة؛ فالقاهرة مركز ثقافي وحضاري كبير وكان يجب على جامعاتنا أن تكون حريصة على التواجد وحاضرة دائماً في معارض الكتاب الدولية.
وعن مشاركة الأندية الأدبية في الخارج، يقول الحربي: أن الأندية الأدبية لها ضوابط معينة ففي المشاركات الداخلية تحضر وتتواجد لكن المشاركات الخارجية محدودة، ولها آليات معينة وشروط يجب مراعاتها أولاً ممكن وقد سبق أن شارك نادي حائل الأدبي بدعوة شخصية في جناح المملكة بالقاهرة، وإذا وجه مسئولو جناح المملكة دعوة شخصية لأي ناد أدبي سيحضر بالطبع لكن أنظمة الأندية الأدبية تكون في الإطار الداخلي للمملكة أكبر بل في الإطار الداخلي للمنطقة فمشاركات الأندية الأدبية تكون في معارض الكتاب هي مشاركات مقننة وبسيطة لم تخرج إلى العالمية حتى الآن نحن نطمح في المستقبل أن تكون الأندية الأدبية نوافذ مشروعات للأدب السعودي خارج المملكة العربية السعودية.
وعن اكتفاء الأندية بعرض كتبها على رفوف أجنحة وزارة الثقافة يقول الحربي: لا أرى ذلك ناجحاً بل العكس هم الآن يفكرون في الانطلاق إلى الخروج من هذه البوتقة ففي آخر اجتماع لرؤساء الأندية الأدبية في المنطقة الشرقية تم الاتفاق على الخروج بنتاج الأندية الأدبية إلى العالمية كما اتفقوا مع اتحاد كتاب الإمارات، ومع عدد من اتحاد الكتاب ليكون هناك تبادل مشترك أو شراكة أدبية في الخليج على الأقل، ومنها سينطلق إلى العربية ثم إلى العالمية وهذا مطلب من كل الأدباء، سواء الرواد أو الجيل الجديد كلهم يبحثون عن العالمية ويجب على كل الأندية أن تراعي الأدب السعودي رعاية كاملة من الرائد إلى أصغر أديب في المملكة أو الناشئة منهم، فهناك منظومة متكاملة تبدأ من التعليم الابتدائي والمتوسط والثانوي أو وزارة التعليم بصفة عامة كاملة بنين وبنات أيضاً هناك الجامعات تعتبر محاضن للثقافة والأندية الأدبية، محاضن لثقافة الجمعيات الصغرى مثل الصوالين الأدبية أيضاً هي محاضن للثقافة؛ فالثقافة السعودية لديها عدد من المناشط وعدد من المحاضن الكبيرة التي تقدم نتاجا أدبيا، لكن على ضعفها نحن نقبلها الآن، ونتمنى أن تتطور وأن تزيد الاهتمام بالجوانب الأدبية بالذات النقدية الرواية القصة والشعر هذه البدايات التي لا زالت إلى الآن تحتضر، نتمنى أن تنطلق انطلاقة إلى الآفاق، وإلى العالمية وهي قليلة جدًا ويقدم الحربي رسالته للنشء الأدبي قائلاً: أتمنى على كل موهوب أن يهتم بالقراءة أولاً وألا يستعجل النشر سيأتي دوره وسينشر وسيتفوق وسيتميز إنما عليه أن يقرأ جيداً، وأن يستوعب ما يقرأ وأيضا لا يغفل من سبقه في التجربة ويستشير فالاستشارة مهمة، نحن عشنا لم نجد من يأخذ بأيدينا عكس الأجيال الجديدة لديها من يأخذ بيديها الآن وهذه فرصة جميلة لهم.