محمد العرب
لم يكن يوماً عادياً ذلك الذي أشرق صباحه مع صوت رخيم يشع منه الوقار والحكمة والشجاعة وهو يطالب الجميع بالثبات والاستبسال والرد بكل أصناف الأسلحة على محاولات اقتراب قوات النخبة التابعة للمخلوع صالح من أغلى الحدود حدود بلاد الحرمين، الصوت الذي يعود لواحد من كبار الضباط في حرس الحدود منطقة جيزان سمعته من خلال جهاز أحد أفراد حرس الحدود المكلف بمرافقتي لإنجاز تقارير عن قيام الحوثيين بالمتاجر بالبشر، المكان كان نقطة الصرفح والزمان مع اشراقة الشمس والأبطال هم حرس الحدود والنتيجة مقتل أربع من المهاجمين وتقهقر البقية تحت سطوة نيران أبناء أمير مكافحة الإرهاب محمد بن نايف، ولأننا كنا هناك ولأننا شهود على ما حدث لذا يحق لنا أن نكشف جزءا من الملحمة البطولية لرجال حرس الحدود، بدأ الأمر بقذائف هاون حوثية على نقطة الصرفح ثم قذائف ار بي جي ورصاص قناص لتوفير غطاء ناري للمهاجمين الذين يحملون عبوات ناسفة لنسف النقطة وتحقيق نصر إعلامي لرفع الحالة المعنوية المنهارة للمليشيات الانقلابية، كان الرد السعودي حكيما جدا، تمترس الرجال بشكل احترافي، وتم التعامل وفقا لسياسة النيران المؤثرة الحكيمة، لم يكن هناك ارتباك ولا صوت يعلو فوق صوت التكبير ثم ازيز الرصاص ساعة وحدة كانت كافية لإحباط الهجوم بمقتل أربعة وإجبار الآخرين علي التقهقر، شجاعة واحتراف نادر، انهم ببساطة اسود حرس الحدود، ما أثار إعجابي هو إصرار أبطال الصرفح علي البقاء في مكانهم حتى إتمام المناوبة رغم إن الضابط المسؤول طلب منهم أن يستبدلوا أماكنهم بقوة التعزيز التي وصلت بعد نهاية المعركة لأن نيران حرس الحدود أنهت المهمة بسرعة كعادتهم، نحن يا سادة أمام شجاعة مختلفة وقصة من قصص البطولة تستحق أن يسمعها الناس...
صعدة تتحرر
وصلنا أكتاف البقع أول مديريات محافظة صعدة وكان بضيافة العقيد السعودي أبو عبدالعزيز وهو رجل لديه بصمة خاصة في القيادة، لكون بالإضافة إلى ما يتمتع به من خبرة عسكرية ميدانية فأنه يمتاز بقدرة فائقة على التواصل مع كل شرائح المجتمع اليمني، فهو مثقف اجتماعيا وخبيرا بالقبائل والعادات والتقاليد واللهجات، هناك شاهدت رجال الجيش اليمني الوطني وهم رجال من طينة مختلفة عن باقي الجبهات لأن لديهم أسلوبهم في قتال الحوثيين منذ نشأتهم، أذكر منهم بسام المحضار وعبيد حمد الأثلة وهم ابناء صعدة الذين يعرفونها كما يعرفون أصابع اليد الواحدة، إذا نحن في صعدة التي صورها الإعلام الإيراني على أنها الحص الحصين الذي لا يمكن اختراقه بسبب تمترس المليشيات في الأخاديد الصخرية للمرتفعات بالإضافة إلى شبكة الأنفاق، وهناك تلمست كذب الإعلام الإيراني مرة أخرى فسادة ومشايخ صعدة هم مع الشرعية يتقدمون الصفوف أو ملتزمين للصمت لحسابات سلامة عائلاتهم وأبناء قبائلهم وأنهم ينتظرون اقتراب الشرعية ليلتحموا بها لأنهم جزد منها، كما شاهدت بعيني أن من يصول ويجول في صعدة هم فرسان الوغى الذين لا يشق لهم غبار.
لمحة
يبلغ علي نويل 55 عاما وهو مصور فلبيني مسلم يرافقني في رحلتي داخل صعدة هذه الأيام، قلت له يا علي لماذا تخاطر بالعمل معي وأنا مراسل حربي أعشق الأماكن الخطرة منذ بداياتي فقال لي شيء شعرت بعدها أن هناك الكثير من العظماء الصامتين، قال أنا إذا قتلت فإنني سأدفن في السعودية بمعنى أنني سأكون قريبا من بيت الله الحرام، هنا لم أعرف ماذا أقول لكنني أخذته بالأحضان وقبلت رأسه.