من اعتاد على متابعة إعلام دولتنا «المملكة العربية السعودية» منذ نشأته.. أو عاد لأرشيفه.. سوف يسمع ويرى لهجة ناعمة ومسالمة ودبلوماسية، وتحديداً مع تغطيته للأمور السياسية، وإذا احتمى الوطيس «من الطرف الآخر».. كان (التطنيش) الغالب ذوقاً منا بالتأكيد، وبالإضافة إلى أنه نوع من السياسة المتبعة، مع الردود في بعض الحالات النادرة، ومنها ما أذكره منذ أعوام حين ظهر «أحد الرؤساء العرب» وشن هجوماً على المملكة فتم من جانبنا الرد عليه من خلال الإعلام بعرض تصريحات له من خلال فيديوهات مسجلة يمتدح فيها بلدنا المعطاء ودوره الريادي والإنساني ويثني على حكامها وشعبها ليظهر للعالم تناقض وعدم مصداقية هذا الرئيس، وأذكر أيضا رد آخر أقوى وأقسى منه، أثناء أزمة الخليج مع العراق، وربما لأنها حرب قائمة كان لابد من الرد القاسي القوي.
وأقصد بما سبق تحديداً إعلامنا وطريقة طرحه أثناء الخلافات والأزمات السياسية التي يتعرض لها وطننا، فنلاحظ حالياً طريقة طرح جميع وسائل إعلامنا الرسمية وغيرها من (صحافة، إذاعة، تلفاز) والحديثة من خلال الإنترنت أنه منذ تولي الملك سلمان بن عبد العزيز -حفظه الله- الحكم أو منذ أن هبت عاصفة الحزم هبوبها لإنقاذ إخوتنا باليمن ودولنا العربية ووطننا من الشر الإيراني (الصفوي) وما يقوم به من تخطيط للهيمنة على المنطقة وتحقيق أطماعه التوسعية التخريبية الواضحة كعين الشمس من أفعالهم وتصريحاتهم الصادرة من شعلة الفتن طهران، هنا أصبح إعلامنا مختلفاً في طرحه إذ بدأنا نسمع ونرى في مواقف واضحة وصريحة ولهجة مختلفة عن المعتاد.
وبرأيي أن هذه اللهجة لم تكن لو لم (يطفح الكيل) ضمن ما صدرت منهم الإساءة والتعدي علينا.. موضحين بها وجهة نظرنا ومدافعين عن أنفسنا، فقد ظهر أحد الأشخاص بمقطع فيديو على موقع (اليوتيوب) بالإنترنت، يتحدث فيه عن وطننا بدأ بشكل محب لوطننا ويثني عليه وعلى دوره البناء.. مع تعليقه على بعض الأمور.. رغم أنه ليس من شأن أي شخص التدخل في شؤون دولة ليست دولته، وهنا يبدي هذا الشخص انزعاجه من دور إعلامنا تجاه الأزمات السياسية، وأبرز ما أوضحه ومنزعج منه وعاتباً عليه بأنه لا يقوم بأي دور مثالي وتفاعلي مع ما يجري ويرى أن ذلك بسبب عدم تفاعل ونشاط وزارة الثقافة والإعلام. وهنا رأيي وردي عليه كمواطن أولاً ومتابع للإعلام جيداً ومحتك بعملي فيه وسماعي لغيري من المتابعين.. نرى أن لهجة إعلامنا أصبحت مختلفة جهورية وما تتعرض له الدولة يرد عليه وبحجج وبراهين واهية.. مع ذلك فإن دولتنا بإعلامها لا تلجأ لذلك إلا بعدما أن تجرب كل الطرق الدبلوماسية التي يدعو إليها ديننا كدعاة سلام لكن لو ازداد الحد (تسن حد السيف) على الألسنة والأصابع المعادية.
والإعلام لم يعد مسيراً للأحداث فقط بل مغيرها ونحن في عصره وبضيافته، ونسبة كبيرة من أي حرب سببها الإعلام. وفعلا كما قيل منذ السابق عنه انه (سلطة رابعة) ولهذا المعنى الكثير، والآن يلعب دوراً مهماً في ملعب نادي الحياة كحارس ومدافع وهجوم.