رمضان جريدي العنزي
في ظل التداعيات السياسية والأمنية المتسارعة والمتقلبة الرمادية والخطيرة، وفي ظل الدهاليز المعتمة، والمسرحيات العبثية، والهواء الفاسد، ورائحة المؤامرات، وفي ظل تكاثر الأعداء وانتشارهم حولنا وتكاثرهم كما تتكاثر الخلايا السرطانية الخبيثة، وفي ظل العواصف الصفراء، والخطابات الغبراء والغليان الفوضوي، والهيجان الطائفي والمذهبي والعرقي والفئوي، والانفعالات السياسية، والسيناريوهات المخفية واللامعلومة، وفي ظل خروج الثعالب من غابات الطغيان وتكشف وجوهها، وفي ظل تكاثر أوكار المجانين والمتخلفين والمشعوذين والكهنوتيين والسحرة، وفي ظل صناعة التلفيق والتضليل والاستعلاء والهيمنة والتلاعب بالعقول، وفي ظل تنامي الدسائس والخداع والمداهنة في السيرك السياسي، وفي ظل البيانات المزيفة، والأقوال المسمومة، والأكاذيب المضللة، والتمويه والتشويش والطقوس الكاذبة، والخرافة والدجل، وفي ظل إبطال الحق، وإحقاق الباطل، وتقريب البعيد، وإبعاد القريب، وتشويه صورة الصديق، وتجميل صورة العدو، وفي ظل التغاضي والتغافل، ومشاريع الوهم التوسعية، وفي ظل حالات الطمس والتغييب والتجاهل والفبركة والتلاعب، وفي ظل الفتاوى المؤججة، والفوضى العارمة، وفي ظل المتواطئين والغزاة والطغاة والبغاة وأصحاب المشاريع الاستعمارية، وفي ظل الروبوتات البشرية التي تعمل بالرموتكونترول، وفي ظل الوجوه الزئبقية، والمواقف الهلامية، وفيروسات النفاق والثرثرة والتلون، وتغلل الوصوليين والنفعيين والانتهازيين وأصحاب المآرب الأنانية الضيقة، والنشاطات الكيدية، والأفواه المائلة، وانفصام السلوك، وغياب المعايير الأخلاقية، وشيوع الغش والكذب والنفاق، وفي ظل التلاعب بالعقول من أجل تنفيذ مشاريع التقسيم والتجزئة، وفي ظل نواقيس الخطر، وحقول الظلام، واحتشاد الأقزام، وفي ظل المعارك والمهالك والمحارق والضحايا الأبرياء التي تتساقط، والنعيق والزعيق، وتحليق الغربان، وظهور الخفافيش، في ظل كل تلك الأشياء بات من الضروري أن نستيقظ من سباتنا، لنعرف أن كل هذه التكتلات والمؤامرات والدناءات والأعمال الرمادية الباهتة تحاك ضدنا، من أجل تدميرنا وتعريضنا للجوع والظمأ والشتات، ونهب ثرواتنا وأموالنا ومقدراتنا، وتمزيق وحدتنا الوطنية الفاخرة، وفسيفسائنا الثمينة، من خلال زرع الفتن والنعرات الطائفية والحزبية المسيسة وتأجيج العواطف والصراعات وأحياء العصبيات، وإيقاظ الموميات العتيقة، لذا تبدو الحاجة ملحة وضرورية لمواجهة هذه المؤامرات الخطيرة، والأعمال الإجرامية البشعة، وأن نحث الخطى باتجاه إرساء قواعد الحذر واليقظة والانتباه والاستعداد، أن نداء الواجب يحتم على كل فرد منا أن يبعد النوم وحتى الوسن عن العيون، لكي نتصدى للأطماع والطماعين والأشرار وموقدي النار، وأن نتسلح بمعاني العزة والوطنية والكرامة والمروءة والانتماء، وأن نذود عن مسطحاتنا المائية وبيدنا الكبيرة وحدودنا الأربعة، وإرثنا وتاريخنا ومستقبل أجيالنا، وأن نقف صفاً واحداً كلاً في موقعه وعمله، في مواجهة كل التحديات والمخاطر، وعبث العابثين، وخداع المخادعين، وجحود الجاحدين، والناقمين والمألبين، من دون خوف أو توجس أو تردد، ومن دون يأس أو تخاذل، حتى لا يحول أعداؤنا صباحنا إلى تراب، ومساؤنا إلى رماد، وحياتنا المستقرة الهانئة إلى تشرد وضياع، كما يريدون ويأملون ويبتغون، لا حقق الله أمانيهم ولا مبتغياتهم.