«الجزيرة» - عوض مانع القحطاني / تصوير - فتحي كالي:
دشن وزير الطاقة والصناعة والثروة المعدنية رئيس مجلس إدارة مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية معالي المهندس خالد بن عبدالعزيز الفالح، بحضور صاحب السمو الأمير الدكتور تركي بن سعود بن محمد آل سعود رئيس مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية، وصاحب السمو الأمير أحمد بن عبدالله بن عبدالرحمن محافظ الدرعية، في محطة أبحاث العيينة، محطة تحلية المياه المالحة بتقنية الامتصاص، ومصنع إنتاج وتجميع العواكس الكهربائية.
وأكد معالي المهندس الفالح عقب إطلاق المحطة والمصنع أن «المشروعين يعتبران من المبادرات الرائدة على مستوى المنطقة، وسيصنعان تحولاً في صناعة تحلية المياه وتوليد الطاقة في الوقت الذي نحتاج فيه إلى المزيد من الحلول الذكية والمبتكرة لتنويع مصادر المياه والطاقة في المملكة، إضافة إلى سد الحاجة المستقبلية المتوقعة». وأضاف م. الفالح: «إن هذه المشروعات ترجمة فعلية لرؤية 2030 التي تضع الأولوية للابتكار وتقديم الحلول للمشكلات الوطنية الحالية والمستقبلية، لذلك لن تكون هذه المشروعات أول الحلول الفعلية على الأرض، بل سيواصل فريق العمل في المدينة وجميع الجهات ذات العلاقة تقديم المزيد في هذا الجانب في تحالف متميز بين القطاع الحكومي والخاص ومراكز الأبحاث».
من جانبه، أوضح سمو رئيس المدينة أن هذه المحطة هي نتاج مشروع تعاوني بين مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية، وجامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية، وشركة تقنية المياه المتقدمة، وشركة مداد، مشيرًا إلى أن تنفيذ هذا المشروع يأتي ضمن مبادرات المدينة وجهودها الداعمة للصناعة في برنامج التحول الوطني 2020 المنبثق من رؤية المملكة 2030 لتوطين التقنيات بالمملكة.
وجرى خلال حفل تدشين المحطة توقيع مذكرة تفاهم بين مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية والمؤسسة العامة لتحلية المياه المالحة لتنفيذ مشروعين مشتركين في المجال البحثي بهدف تحسين كفاءة طرق التحلية التقليدية، وابتكار طرق جديدة لتحسين الجدوى الاقتصادية. وبموجب هذه المذكرة سيتعاون الطرفان لتطبيق تقنية التحلية بالهجين الثلاثي الذي يجمع بين أغشية النانو وأغشية التناضح العكسي وتقنية التبخير المتعدد التأثير على المستوى التجاري بسعة 10 آلاف م3/ يوم بمحطة ينبع، وكذلك تطبيق تقنية مداد باستخدام تقنية الامتصاص وربطها بتقنية التبخير المتعدد التأثير على المستوى التجاري بسعة 10 آلاف م3/ يوم في المحطة ذاتها.
يذكر أن هذه المحطة تعد أول نموذج تطبيقي صناعي في العالم، بسعة إنتاج 100 متر مكعب يومياً من المياه المحلاة وما ينتج عنها من مياه مبردة بسعة 1 ميجاوات، وتمثل هذه المحطة مشروعا تعاونيا بين مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية، وجامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية، وشركة تقنية المياه المتقدمة، وشركة مداد.
وتلائم أنظمة الامتصاص بالمواد الصلبة ADC المستخدمة بالمحطة دول آسيا والشرق الأوسط، خاصة دول الخليج في مجالي تحلية المياه والتبريد والتكييف، حيث تعمل هذه الأنظمة بالحرارة الناتجة عن الطاقة الشمسية أو الحرارة المهدرة من محطات توليد الطاقة ومصافي النفط والغاز.
وتبلغ قدرة مصنع إنتاج وتجميع العواكس الكهربائية 30 كيلو وات، ويمكن استخدامها في المجالات التجارية والحقول الشمسية، كما يمكن ربطها مباشرة في الشبكة الكهربائية، ويعد هذا الخط مرحلة أولى لتوطين صناعة العواكس الكهربائية اللازمة لربط الطاقة الكهربائية المنتجة من الألواح الكهروضوئية بالشبكة الكهربائية.
ويشغّل مصنع إنتاج الألواح الشمسية الذي تم رفع طاقته الإنتاجية إلى 100 ميجاوات، بشكل آلي، مهندسون وفنيون سعوديون، وقد حصل المصنع على شهادة الأيزو لمعايير نظام إدارة الجودة 9001، وIEC 61215 , IEC 61730 لنظام مطابقة المنتج لمعايير الجودة العالمية، ويهدف المصنع إلى إنتاج الخلايا الشمسية عالية التركيز في المملكة، حيث سيتم طباعة الطبقة النهائية للخلايا الشمسية وتفعيلها بشبكة الموصلات الكهربائية من الألمنيوم والفضة.
ويتبع المحطة معمل الموثوقية لاختبار الألواح الكهروضوئية الذي يعد الأول من نوعه في منطقة الشرق الأوسط والمعتمد لمتطلبات الآيزو (17025 ISO)، والقادر على اختبار منتجات الطاقة الشمسية الكهروضوئية تحت مواصفات الاختبارات العالمية IEC Standards بالإضافة إلى تميزه في اختبار تأثير البيئة الصحراوية على كفاءة الألواح الكهروضوئية. كما يتبع المحطة مشروع تطوير وتصميم الجيل الثاني لبطاريات نيكل كلوريد، التي تُعد إحدى البطاريات القابلة لإعادة الشحن وأكثرها ملاءمة للاستخدام في مجال الطاقة المتجددة، حيث يهدف المشروع إلى تصميم وتطوير جيل جديد من بطاريات صوديوم نيكل كلوريد لرفع الكفاءة، كما يهدف إلى نقل وتوطين الخبرات بالمملكة في مجالي تطوير وتصنيع تصميم جديد ذي كفاءة عالية في تقنية البطاريات.
تصريح صحفي
وعقب جولة شملت أرجاء محطة العيينة للطاقة الشمسية تحدث لوسائل الإعلام معالي وزير الطاقة والصناعة والثروة المعدنية المهندس خالد الفالح.. وقال: نفخر اليوم بما أنجز وهو تدشين هذه المحطة التجريبية الفريدة من نوعها، التي تعتمد بالكامل على الطاقة المهدرة في المصانع، وتحول هذه الطاقة إلى ماء عذب سواء كان المصدر مياه البحر أو مياه آبار مالحة غير صالحة للشرب.. وهذا يعني أن استهلاكها من الطاقة سيكون (صفر) وفي نفس الوقت نسبة التحلية 100 في المائة، وبذلك لا يوجد رجيع يذهب إلى البحر في حالة استخدام المحطات البحرية. وأوضح معاليه أن العاملين على هذه التقنية كلهم سعوديون بنسبة 100 في المائة بعد تدريبهم وتأهيلهم، وهذه المحطة التي ندشنها اليوم هي نموذج للسعودة في المجال التقني. وأضاف الفالح أن مؤسسة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية هي في الواقع مؤسسة بحثية رائدة استطاعت أن تعمل الكثير من الدراسات والبحوث واستطاعت تأهيل الشباب السعوديين على العمل الاحترافي التقني بالإضافة إلى جامعة الملك عبدالله، وهي أيضاً مكسب للوطن في توطين التقنية، بالإضافة إلى العديد من الشركات بالإضافة إلى التعاون مع عنصر خارجي لإجراء مثل هذه الأبحاث وتطويرها.
وأوضح معاليه أن هذا النموذج سيتكرر عشرات المرات وسيتم رفع نسب مساهمة مثل هذه الابتكارات والمصانع والشركات المبتكرة الجديدة في الناتج المحلي الإجمالي وإعطاء ميزة نسبية للمملكة ليست مبنية على الموارد الطبيعية في بواطن الأرض، بل هي مبنية على المعرفة وعلى البحث العلمي والابتكار، والتكامل بين الأطراف البحثية والمصانع في المملكة، مشيراً معاليه إلى أنه تم مناقشة اليوم برنامج التحول الوطني والابتكار والعدد المتنامي جداً، حيث تشير الدراسات إلى تنامي البحث العلمي والابتكار والإسهام المعرفي في المملكة، وسيتم تحويل هذه الابتكارات والأبحاث إلى أرض الواقع ومنتوجات تدخل في اقتصاد الوطن في مناحي الحياة كافة، وهذه مبادرات مكملة للمبادرات التي أطلقتها الدولة في اتجاهات عدة، مثل الطاقة المتجددة الكهربائية، وتم الإعلان عن نحو 700 ميجاوات ستطرح للقطاع الخاص باتفاقيات شراء كهرباء طويلة الأجل 25 سنة، وأمس بدأنا بنظام شفاف جداً إلكتروني لدعوة الشركات المهتمة كافة، من أنحاء العالم، وبالطبع من الشركات الرائدة في المملكة لتقديم أوراقهم للتأهيل، وسيتم خلال شهرين فتح المظاريف وإعلان أسماء الفائزين بعقود كهربائية، التي تعتبر بداية مرحلة أولى، كما أن المرحلة الأولى تستهدف نحو عشرة آلاف ميجاوات وأغلبها من الطاقة الشمسية. وأشار معاليه إلى أن البيئة هي هاجس كل مواطن وكل مسؤول مكلف وما هذه التقنية إلا لحماية البيئة، وهذه الألواح للطاقة الشمسية ستوفر الكهرباء للمصانع والبيوت والهجر وللشبكة بدون حرق أي وقود، وكذلك لمحطات التحلية وللماء الذي يدخل إلى المحطة، تحولها هذه الطاقة إلى ماء عذب دون ملوحة ولا يوجد رجيع يحقن في الآبار أو يذهب إلى البحار، ونحن نتطلع أن تكون لدينا تقنيات بعقول سعوديين نصدرها للعالم وهذا ما تسعى إليه المملكة.
وحول سؤال لـ(الجزيرة) للمهندس الفالح.. كيف يمكن أن نطمئن المواطن بأن المياه المحلاة العذبة التي تعالج بالتقنية ليس لها أي آثار على صحة المواطن والبيئة؟.. أجاب معاليه: لا يوجد نهائياً أي آثار وهذه التقنية عملت لحماية المواطن وحماية البيئة.
وقال معاليه: كلنا نعلم بأن المملكة العربية السعودية بيئة صحراوية، والمياه تمثل تحديا، والمياه الجوفية يجب أن نحافظ عليها بقدر المستطاع، ونحن نحث بعدم الإسراف في استهلاك المياه، والترشيد، موضحاً أن الدولة تعطي تحدي المياه أولوية ولن نعتمد على الترشيد فقط، بل سنسعى بكل ما أوتينا من قدرات لتوفير مصادر مستدامة للمياه تكمل المياه الجوفية التي يجب أن نحافظ عليها، ومن هذا مصادر التحلية وإعادة تدوير المياه المستخدمة بأساليب علمية لا تؤثر على الإنسان أو البيئة والزراعة، وهذه أمور تتطلب التعاون من الجميع.