د. عبدالواحد الحميد
غَيَّر نظام الانتساب الدراسي حياة الكثيرين ممن عاندتهم الظروف ولم يتمكنوا من الدراسة عن طريق الانتظام وهو المسار الطبيعي لمعظم الطلاب كي يكملوا تعليمهم الجامعي. فهناك من حالت ظروفه المادية واضطراره إلى العمل في سن مبكرة دون الالتحاق بالجامعة، وهناك من حالت ظروفه الاجتماعية وظروف أخرى دون الدراسة المنتظمة، لكن وجود نظام دراسي عن طريق الانتساب أتاح لهؤلاء الناس إكمال دراستهم وفتح لهم الأفق من جديد. وهناك الكثير جداً من النماذج الناجحة من المتخرجين عن طريق الانتساب ممن تسنموا أعلى المناصب في القطاع الحكومي وفي القطاع الخاص وكانوا ناجحين في أعمالهم ومثالاً للمثابرة وتخطي الصعاب.
المشكلة الآن هي أن نظام الانتساب أصبح في بعض الأحيان ثغرة لممارسة الغش وتخريج طلاب لا يعرفون شيئاً في التخصصات التي درسوها. ونسمع ونقرأ الكثير من القصص عن تزوير أداء الاختبارات وإعداد الواجبات وأوراق العمل وحتى عن حضور الساعات المحددة التي يشترطها النظام! وآخر ما قرأتُه هو ما نشرته صحيفة الوطن التي ذكرت في أحد أعدادها الصادرة مؤخراً ان هناك «سماسرة» يؤدون الاختبارات بالنيابة عن طلاب الانتساب مقابل مبالغ تبدأ من خمسين ريالاً وتصل إلى ثلاثمائة وخمسين ريالاً للمقرر الواحد!.
هذه الممارسات تسيء لنظام الانتساب، لكنني لست مع مَنْ يدعو إلى إلغائه بالكامل إذا كان بالإمكان استصلاحه. فالغش الدراسي طاول حتى الدراسة المنتظمة وليس فقط تلك التي عن طريق الانتساب. بل إن الغش الدراسي أصبح يمارس علناً من خلال بعض ما يسمى بمحلات «خدمات الطالب» التي تقوم بإجراء البحوث وحل الواجبات للطلاب الجامعيين وطلاب مراحل التعليم العام.
وزارة التعليم مطالبة بمكافحة الغش أياً كانت الطرق التي يتم بها، وهي بالطبع تحتاج لتعاون الجهات الحكومية الأخرى ذات العلاقة. ولا أظن أن إلغاء نظام الانتساب سوف ينهي مشكلة الغش، وإنما الأفضل هو معرفة الثغرات التي ينفذ منها سماسرة الغش وممارسوه وسدها، علماً بأن الانتساب لا يصلح ـ بطبيعة الحال ـ إلا لبعض التخصصات وليس كلها.
نظام الانتساب للدراسة الجامعية أحيا الأمل في نفوس الكثيرين من ذوي الظروف الصعبة وفتح لهم الأمل، ويجب تطويره وتنقيته من الشوائب بدلاً من إلغائه تماماً. كما أن تطوير التعليم العام والجامعي المنتظم هو الآخر بأمس الحاجة إلى التطوير وليس فقط التعليم عن طريق الانتساب.
علينا أن نقضي على الغش الدراسي بجميع أنواعه وليس على الغش عن طريق الانتساب.