عروبة المنيف
مع التزايد المتسارع في استخدام وسائل التواصل الاجتماعي كمصدر وحيد للمعلومة عند الأغلبية، حيث العلاقة الحميمة مع الهواتف النقالة، أصبح هناك ضرورة حتمية للاهتمام بما يتم تداوله وتناقله في تلك الوسائل الاتصالية من معلومات وشائعات تتسبب في نتائج لا تحمد عقباها، فالملاحظ حالياً وجود فراغ إعلامي بين المواطن والإعلام، فأسلوب التعاطي الإعلامي مع المعلومة المغلوطة لا يتوافق مع أساليب الحماية اللازمة لجيل وسائل التواصل الاجتماعي.
إن الإنتشار غير المنضبط للشائعات في وسائل التواصل الاجتماعي في ازدياد نتيجة لغياب الشفافية بين الجهات الرسمية وبين المواطن المتلقي بالإضافه إلى انعدام الوعي الفردي ولربما الجمعي الذي ساهم في زيادة انتشار الشائعات والأخبار المزيفة بين أفراد المجتمع، ما يجعلنا ندور في حلقة مفرغة، فهناك مستفيدون كثر من انتشار تلك الشائعات ومن الأجدى كبح جماح زيفهم وتلاعبهم، وسأخص هنا بالذكر من تلك الشائعات أغلى ما لدينا، صحتنا، فالتلاعب ما زال مستمراً من أولئك المستفيدين من نشر معلومات ومقاطع ونصائح ووصفات شعبية صحية مغلوطة ومشبوهة، ما يؤدي بالطبع إلى رفع تكاليف الرعاية الصحية جراء الانقياد وراء تلك الوصفات وتطبيقها.
إن تلك الرسائل التي تحوي وصفات علاجية شعبية سحرية! للأمراض تتوالى علينا بدون توقف، فهذه وصفة لمرضى السكر، وتلك وصفة لمرضى الكلى، وأخرى للمفاصل، ولا تخفى تلك الوصفة الشهيرة لعلاج نقص فيتامين دال «التين المنقوع بزيت الزيتون!»، والوصفة التي تعيد المطلقة بكراً، وغيرها الكثير التي تعج به وسائل التواصل الاجتماعي.كل تلك الوصفات تعبر عن مقاصد مؤلفيها ومخرجيها لا عن مقاصد ناقليها الذي ينقصهم الوعي والإدراك في أهمية التحقق من المصدر في محركات البحث بدايةً، وفي أساليب التعاطي مع تلك «الوصفة الشائعة المشبوهة» ثانياً قبل إعادة تدويرها ونشرها، فالعديد من التقصيات البحثية التي تتعقب منتجي تلك المقاطع وجدوا أن أصحاب تلك المقاطع هم من أصحاب محلات العطارة أو العيادات والمعالجين غير المرخص لهم، فأهدافهم تجارية بحته!.
إن نشر تلك الرسائل الصحية المشبوهة لها آثار صحية خطيرة، وتلعب العاطفة بشكل كبير في قبول تلك الشائعات من وصفات وغيرها وبالتالي الترويج لها وتناقلها، فغالبية المقاطع أو المعلومات المروج لها غير منطقية وغير عقلانية، فكيف تُقبل وصفة تروج لإعادة وظيفة عمل الكلية أو البنكرياس على سبيل المثال بعد فشلهما!؟.
إن أنجع وسيلتين لمكافحة تلك الوصفات الصحية المتداولة هي بالتثقيف الصحي، وبالتطبيق الصارم لقانون مكافحة الجرائم المعلوماتية، تلك الوسيلتان يجب أن تعملا جنباً إلى جنب بواسطة حملة وطنية جادة، فالتوعية الصحية التي ينبغي على وزارة الصحة أن تقودها تنطلق من خلال تأسيس قنوات اتصال دورية ترسل رسائلها التوعوية في ذات وسائل التواصل، لنشر المعرفة الصحية بأسلوب علمي شيق ولدحض تلك الشائعات باستمرار ولنشر الوعي بين المتلقين في ضرورة رفض قبول أي معلومة بدون مصادر علمية موثوقة.