عبدالوهاب الفايز
** ربما نتفق على أن المصلحة العليا تتطلب رفع كفاءة الإدارة الحكومية، فالأساليب التي جربناها ونجحت في حقبة معينة، قد لا تناسب حقبة تتحول فيها البشرية في مجالات عديدة. ونفس المصلحة أيضًا ترى ضرورة (عدم الاستعجال) في تخصيص الصحة والتعليم.
في كلا القطاعين.. ضعف الإدارة والقيادة في العقود الماضية ساهما في عدم تلبية احتياجاتنا وطموحاتنا في القطاعين، فقد أدى خروج ودخول القيادات وتدوير الموارد البشرية المستمرين في الصحة والتعليم إلى استمرار أساليب الإدارة الضعيفة، وهذا أحد مسببات الهدر للموارد وتدني كفاءة المخرجات.
الأمر الإيجابي هو توجه الحكومة الجاد لرفع مستوى قطاعي التعليم والصحة، وهما يأتيان في قائمة أولويات برنامج التحول الوطني. هذا التوجه الجاد يجعلنا نطمئن على سلامة التوجهات الأساسية للحكومة، لكن ثمة قلق من توسع إشراك القطاع الخاص في القطاعين، وهذا القلق له مبرراته، فهو (قلق موضوعي) يقوم على الخوف من (ارتفاع التكلفة) وضعف المخرجات. في السنوات الماضية أدى دخول القطاع الخاص بقوة في القطاعين إلى توسع الخدمة، ولكن صاحب ذلك ارتفاع مستمر في التكاليف وتدنٍ في الجودة. هنا مخاوفنا!
أكثر القلق يأتي من المختصين القريبين من القطاعين، فهم أكثر المتحفظين الذين لا يترددون في إبراز المحاذير والمخاوف، وهذا لا يعني عدم القناعة التامة بأهمية مشاركة القطاع الخاص، ولكن هم يبنون تحفظاتهم على الخوف من ضعف الإشراف الحكومي وعدم قدرته على ملاحقة المتطلبات التنظيمية والرقابية التي تضمن الجودة والسلامة في الخدمات المقدمة. التعليم والصحة يفترض أن يأتيا في أولويات الإنفاق الحكومي، وهما مجالا (استثمار) وليس تكلفة، إذا أخذنا القيمة المُضافة على الاقتصاد.
وضعف الإشراف الحكومي، وأيضًا ضعف المخرجات نلمسها الآن في الخدمات الصحية والتعليمية، بالذات في المنشآت الصغيرة التي توسعت في ظل غياب تطبيق الاشتراطات والمواصفات الضرورية. ويكفي فقط أن ننظر إلى المنشآت الصغيرة المنتشرة في زوايا مدننا، مثل عيادات التجميل والتخسيس، والمستوصفات، .. وغيرها، مما يعكس توسع الخدمات الصحية الخاصة على حساب الجودة.
الخيار الأمثل الذي يخدمنا ويخدم الاستقرار الاجتماعي هو تبني إدخال القطاع الثالث إلى التعليم والصحة كمرحلة انتقالية، فهذا الأجدى والأنفع الذي يضمن توسع الخدمات الصحية والسيطرة على تكلفتها على المدى البعيد، وأيضًا يخدم أهداف وطنية أخرى مثل توسيع فرص العمل، فالمؤسسات غير الربحية أحد المسارات التي تنمي فرص العمل، وتحقق الاستقرار للموارد البشرية وعدم التنافس عليها بالذات بين المنشآت الصحية.
قريبًا سوف تعلن القطاعات التي تتجه الحكومة إلى تخصيصها، ولعل فيما سوف يعلن من توجهات وسياسات يجعلنا لا نقلق على مستقبل صحتنا وتعليمنا.