يوسف المحيميد
هل يُعقل أن ما يقارب نصف السعوديين في القطاع الخاص رواتبهم لا تتجاوز ثلاثة آلاف ريال؟ لقد كشف تقرير المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية أن أكثر من ثمانمائة ألف سعودي في القطاع الخاص يحصلون على رواتب لا تتجاوز ثلاثة آلاف ريال شهريًا، بما يعادل 48 في المئة من إجمالي المواطنين على رأس العمل، في مقابل عمل ما يقارب تسعة ملايين وافد في القطاع الخاص، فماذا يعني هذا الرقم المتواضع من الدخل الشهري، خاصة في ظل الركود الاقتصادي الذي نعيشه؟
وربما السؤال الذي تمنيت أن يصل التقرير إلى إجابة واضحة ومحددة، هل هؤلاء الثمانمائة ألف موظف يعملون فعلاً على وظائف في القطاع الخاص؟ أم أنها وظائف على الورق، سعيًا لتحقيق رقم التوطين المطلوب من مختلف الأنشطة؟ نحن بحاجة إلى الشفافية كي نتجاوز عثراتنا، فإذا كان هؤلاء على رأس العمل فعلاً، فهو أمر مخجل أن لا تتجاوز رواتبهم الثلاثة آلاف، وهو الحد الأدنى للأجور الذي تم تحديده منذ سنوات، وهو دخل متواضع يصعب أن يسد الحاجة، وتجب سرعة معالجته ورفعه إلى الضعف.
أما إذا كان هؤلاء ليسوا على رأس العمل، وتسجيلهم يتم على الورق فقط لاستكمال شروط السعودة، فهي عمليات نصب واحتيال تقوم بها الشركات والمؤسسات، ويشاركها المواطن الذي يرضى بكسب مال غير مشروع، ولا بد من إيقافها وإيقاع أشد العقوبات عليها، لأن أكثر من يدمر الاقتصاد الوطني هما أمران مؤرِّقان: السعودة الوهمية، والتستر، فمتى قضينا عليهما، استطعنا تصحيح اقتصادنا، ومنح المواطن حقه سواء في المنافسة العادلة في السوق أو في الوظيفة.
لكي نتجاوز هذه الأرقام المظللة في وزاراتنا ومؤسساتنا، لا بد من الوضوح في الأرقام، والشفافية في الرصد الإحصائي، فالتوصل إلى الأرقام الإحصائية الدقيقة هو أول خطوة على الطريق الصحيح، للكشف عن مشاكلنا في التوظيف، والعمل الحقيقي على توطين الوظائف والأنشطة في السوق المحلي، أما ما عدا ذلك، فسنبقى ندور في حلقة مفرغة من أرقام وهمية لا تقدم شيئًا، وإنما تقودنا إلى مزيد من الضبابية والتخبط في القرارات الإدارية!