د.ثريا العريض
يسألني صغاري كيف تحملت كل ذلك الانتظار؟ وكل مؤشرات الأرصاد كانت تشير إلى تصاعد أجواء تجفيف المحيط من أي وعد بالسعادة؟؟
قلت: كنت أطرح الأسئلة، وأبحث عن الأجوبة الكونية الدائمة, لا البشرية المتغيرة حسب منطلق المصالح الفئوية وتوجهاتها؛ وانتظرت باقتناع أن الوطن لا يولد بين يوم وليلة, ولا بين كره وكرب..
انتظرت بشوق لإيماني أن «التحول» قادم لا محالة, وسنصل إلى ساحل السلامة وبر الأمان والوطن!
وها نحن وصلنا أو أوشكنا.. فهلا شاركتموني طقوس الرضا والشكر والثناء لانتهاء فصول الغبار والرياء والغباء.
لم يكن الانتظار يا صغاري هباء
قلت للبحر والموج يحنو على خطواتي:
«يا بحر أين حدود الوطن؟
كاد يغفي المساء
يغيض الرجاء
وننسى طفولتنا في المحن»
همس الموج:
«في القلب بدء الوجود
وسر الخلود
لا ينتهي خفقه أبدًا»
قلت للريح والريح تذرو بقايا شتاتي
«جمعيني
لعلي ألملم ذاتي
وخذيني
لأفق بعيد.. بعيد
حيث تهبين يا ريح
ثم أخبريني
كيف اتجاه الوطن؟»
فدمدمت الريح:
«أصغي له وأصيخي
تسمعين الأهازيج
والقلب يعرف كيف يحن..»
قلت والليل يشهق في خلجاتي
«سفري طال
والحال حال
والشوق أرهق أشرعتي والسفن
يا نجمة الفجر ومضك خيط حياتي
طمئنيني
أني شروق الوطن؟»
همست نجمة الفجر واعدة..:
«هو آت
في ومضة الحب
في نبضة القلب
في لهفة القرب
حين تهز الحياة البدن..»
قلت للفجر حين أضاء
وأورق بين الضلوع انتشاء
وأبصرت توق الثرى
وانهمار السماء:
«هذه الأرض أعرفها
تتبرعم بين الشرايين
أغنية.. ونداء
ها نحن حتمًا وصلنا
وصلنا
فماذا نسمي الوطن؟»
همس الفجر:
«أرض البقاء
أفق الحياة يظل بنا
في حصار الزمن»
هجع البحر والريح والليل في نبضاتي
والقلب؟
ظل يغني.. يغني.. يغني
له..
للوطن.