جاسر عبدالعزيز الجاسر
يلهث ملالي إيران لـ«تسليك» علاقاتهم مع دول الخليج العربية ويسعون من خلال وسطاء خليجيين يعتقدون بأنهم قادرون على مساعدتهم في العودة إلى ربوع الخليج العربي رغم كل ما يثيرونه من مشاكل وأخطار حتى على الدول التي يطلبون مساعدتهم في التوسط مع الدول التي نبذتهم بعد أن سئمت من مؤامراتهم وسعيهم الدائم لتدمير أمن واستقرار دول الخليج العربية.
لا تحتاج دول الخليج العربية ولا قياداتها ولا حتى المواطنون لمعرفة تكالب ملالي إيران إلى درجة الاستجداء من قوم عرفوا بالغطرسة، فبعد عودة «العين الحمراء» الأمريكية من صقور الجنرالات الذين يساندون نظرة الرئيس ترمب، والذي يرى في نظام ملالي إيران نظاماً إرهابياً يديره ويوجهه إرهابيون مما يتطلب مواجهته بحزم وإلغاء التسهيلات التي أبرمها الرئيس الأمريكي السابق ضمن صفقات مريبة يرى فيها الرئيس الحالي تجاوزاً ومضرة للأمن القومي الأمريكي، ولهذا فإن ملالي إيران وكعادتهم في الانحناء حتى تمر العاصفة، سعوا إلى تحييد دول الخليج العربية وجعلها خارج نطاق أي مواجهة اقتصادية وحتى عسكرية مع الولايات المتحدة الأمريكية.
وكالعادة وجدت طهران أن مسقط تشكل نافذة للتحرك سياسياً نحو دول المنطقة، وأنها قد تفلح وبمساعدة اضافية من الكويت لـ»تخدير» دول الخليج العربية وإقناعهم بالكلام بتوقفها عن التدخل في الشؤون الداخلية لدول الخليج العربية، وأن تجمد العمليات الإرهابية التي تنفذها خلاياها النائمة والتي تحظى بالدعم المادي واللوجستي من أسلحة وتدريب، والتي تهدد أمن واستقرار دول الخليج العربية وبالذات في مملكة البحرين والمملكة العربية السعودية، وحتى دولة الكويت التي هرع رئيس النظام الإيراني إليها طالباً توسطها لبدء علاقات جديدة «حسنة» مع دول الخليج.
طبعاً لا يمكن لدول الخليج العربية أن تغلق أبوابها أمام أي توجه إيجابي لنظام يحكم دولة مجاورة شكلت على الدوام تهديداً أمنياً وسلكت نهجاً سلبياً ضد جيرانها وبالذات دول الخليج العربية، فالكف عن الشر والجنوح للسلام وترك الإرهاب والتوجه للتنمية والعمل الطيب هو ما تسعى إليه دول الخليج العربية، ولابد أن ترحب بأي دولة تنضم إليها في هذا المسعى، خاصة إذا كانت هذه الدولة تشارك جميع دول الخليج العربية حدودها.
إذن توجه النظام الإيراني مرحَّب به، ولا اعتراض على تجاوب سلطنة عمان ودولة الكويت مع توجه ملالي إيران إذا كان هذا التوجه صادقاً والنوايا صادقة وأمينة.
والنوايا الصادقة والعمل الحقيقي لتغيير السلوك -الذي أقل ما يمكن وصفه بالعمل السلبي تجاه الدول العربية جميعاً ودول الخليج العربية خاصة- يتأكد ويصبح حقيقياً إذا تطابقت مواقف النظام الإيراني مع أذرعته السياسية والمليشياوية والحزبية، والتي تشكل دكاكين وتمثيلاً يتجاوز حتى وظائف السفراء، فالملا حسن نصر الله زعيم مليشيات ما يسمى بحزب الله في لبنان يمثل المرشد الايراني في لبنان، إذ إن صفته المذهبية هو «ممثل المرجع علي خامنئي»، وهو نفسه أقر بأنه يشرفه أن يكون جندياً في جيش ولي الفقيه، ومعنى هذا أن أقوال وأفعال ومواقف هذا الممثل -ومثله أصحاب الدكاكين المذهبية والطائفية في العراق وسوريا واليمن والبحرين- تعكس فكر وسلوك وحتى توجه النظام الذي يتبعونه.
وحسب «استراتيجية» الملالي فإنها تعتمد على تبادل وتقاسم الأدوار السياسية والمليشياوية سواء من خلال اطلاق المواقف السياسية والتصريحات كالتي أعلنها الملا حسن نصر الله في لبنان، فبالاضافة إلى تعارضها بل وحتى معارضتها للخط السياسي والقومي اللبناني فهي تضر ضرراً واضحاً بتوجه الرئيس اللبناني ميشال عون ورئيس الحكومة سعد الدين الحريري، بل وحتى لحليفه رئيس مجلس النواب نبيه بري، مما يؤكد أن نوايا ملالي ايران ونظام الحكم في طهران غير صادقة وأنها وقتية وهدفها تخدير دول الخليج العربية وتحييدها عن المواجهة القادمة مع أمريكا فيما تترك لدكاكينها الارهابية في الدول العربية النيل من أمن واستقرار دول الخليج العربية والاساءة إليها مثلما فعل الملا حسن نصر الله، الذي أساء وكال الاتهامات للمملكة العربية السعودية والدول العربية بهدف عرقلة عودة هذه الدول إلى لبنان وترك هذا البلد لملالي ايران وعملائهم للاستفراد به والهيمنة عليه.