ناصر الصِرامي
يبدو أن استخدامنا المكثف لكلمة «فساد» جعلها بلا تأثير، وأفقدها وقعها وقيمتها وحتى جزالة معانيها، وأصبحت مثل كلمات تلقائية نكررها حتى تصبح روتينية مملة، ودون تمعن أو وعي!.
لكن لنترك «الفساد» جانبا، فهذه «الكلمة» ومقابلها «النزاهة»، تستهلك بإفراط وإسهال عجيب غريب، وممن يمارسون عكس تلك المعاني تماما، لكن صعب موضوع النوايا هذا، دون قانون حقيقي ينقل عالمنا من التنظير والتوقعات إلى صرامة القانون، كما ينقل مؤسساتنا -وأولها المعنية افتراضا بمحاربته- من التحذير إلى التنفيذ.
لا مجال للنوايا ما ظهر منها وما بطن، حتى وإن كانت الصور والمشاهد للأمطار التى عمت البلاد مؤلمة ومحزنة جدا، وبما حققته من نتائج كشف كارثية، بكل معنى الكلمة..
طبعا ستعلق بعض الأسباب، بكمية الأمطار الاستثنائية -والتي أصبحت اعتيادية منذ نحو عقد من الزمن، أو بسبب تقصير ادارات سابقة مر على غيابها عن المقعد سنوات طويلة، لم تحاسب ولم يتغير الحال كثيرا بعدها!.
وقد نذهب إلى كون ما حدث أزمة فكر، من موطنين لم يتخذوا إجراءات كافية من الحيطة والحذر، وتجهيز وإعداد التموين اللازم للبقاء في سطوح المنازل المملوكة والمستأجرة...!.
لكن الحقيقة المرة الآن: أنه لم ينجح أحد منهم في هذه الاختبارات المتكررة وشبه الدورية!
جريدة «الجزيرة» نشرت متابعات يومية منها تقرير بعنوان (أمطار الخير كشفت المستور)، عنوان جميل، فالمستور كان أكثر بكثير من كل التوقعات بكل أسى.
«الجزيرة» في المقدمة، إلى جانب صحف أخرى نجحت في الرصد، وهذا أكثر ما يمكن أن تفعله صحيفة يومية مرتبطة بالطباعة والتوزيع والوقت. إلا أن إعلامنا المرئي والمسموع لم يواكب الأمطار وأحداثها وحوادثها، لم يقدم إلا صور مكررة، دون متابعة وتنبيه وقتي، توعية للناس المحتجزين ماذا عليهم أن يفعلوا، وأي الطرق يجب عليهم أن يسلكوها، لم تقدم -وزار المعلومات- حسب الترجمة الإنجليزية -لوزارة الإعلام- لم تقدم كالعادة معلومات مفيدة للمتضررين والعالقين، فشل إعلامي مكرر، يجعل الناس أكثر تعليقاً بالإعلام الجديد وشبكات التواصل الاجتماعي التي لم توفر صورة أو طرفة أو ألما أو معاناة ..!
ولم تستخدم الاتصالات وتقنية المعلومات الرسائل النصية بدقة وحرص للمناطق والمدن والقرى المتضررة وتنصح وتوجه.
وأثبتت البلديات والأمانات بإصرار لا تخطوه أي من حواسنا الخمس، عجز شامل، عجز في التنفيذ للمشاريع، وعجز في توقع مستوى الحاجة لبنية تحتية فعلية ومناسبة، وعجز في المعالجة.
وأكد التعليم الذي غرقت جل مدارسه المستأجرة والمملوكة في المناطق المتضررة، إن أقصى إنجازاته هو الاجابة بعد تردد طويل عن : (فيه دراسة بكرة أو إجازة؟؟).
لا طرق النقل سلمت أو صمدت، والسكك الحديدية على دروب وحلة.
صور لا تحتاج للمبالغة إطلاقا لتكشف المستور.. عن مسئولين مال بهم الحال على المواطن، وأنصحهم بتصفح شبكات التواصل الاجتماعي ليدركوا الصورة الحقيقية، وتقييم أدائهم السابق والراهن.
المؤكد ان القيادة في بلادنا حريصة كل الحرص على تحقيق أهداف نوعية، ورفاهية حقيقة للمواطن، واعداده لمستقبل مختلف كليا.
إلا أن بعض التنفيذيين فشلوا في التعامل مع أبسط المواقف والأحداث وحتى أهمهما، وأثبتوا تواضع قدراتهم على تحقيق الأهداف العريضة لقيادتنا.. انه للأسف فشل ذريع من أجهزة حكومية عدة، وهو أمر يحتاج إلى فرز وتجديد الأمل بالتحول الوطني ورؤيتنا للمستقبل. عبر الاستقطاب الحقيقي للمزيد من الكفاءات الوطنية ذات التجارب والخبرات الفعلية.. ولتحقيق تطلعات قيادتنا الحكيمة والحازمة.. باذن الله.