في السنة الشهيرة المعروفة عند أهالي نجد باسم سنة (جراب) 1333هـ، تزامن ذلك العام المهم مع ميلاد رجل فاضل ومهم وواحد من أهم شخصيات الخير والبذل والصلاح. وهو الشيخ عبدالله بن محمد العجاجي. والمولود في مدينة بريدة أحد أهم حواضر منطقة نجد في حينه.
بيت العلم:
نشأ الشيخ عبدالله العجاجي في بيت علم وطاعة وتجارة ولم تلهه الأموال وبريقها وسحرها عن الأخذ في طلب العلم والحرص كل الحرص على القرآن الكريم حفظًا وتدبرًا وتفسيرًا
نشأ الشيخ عبدالله في كنف والده المغفور له بإذن الله تعالى محمد العجاجي الذي كان من المهتمين بالعلم والدعوة وتعليم الناس الخير وأمور وشؤون دينهم الإسلامي الحنيف ومما يعطي دلالة أكيدة على مستوى العلم في البيت الذي نشأ به الشيخ عبدالله العجاجي. إن والده الشيخ محمد العجاجي أحد أبرز رجال الدين الذين وثق بهم الملك عبدالعزيز وكبار العلماء في حينه. وتم تكليفه بأمر الملك عبدالعزيز ليكون واحدًا من رجال الدعوة في هجرة الأرطاوية أول هجرة سعودية تأسست وشهدت تجمعًا سكانيًا كبيرًا.. فكان الشيخ محمد العجاجي مثالاً للعالم الفاضل وللداعية الصالح وحين بلغ الحادية عشرة من عمره توفي والده وعاش يتيمًا وتولي تربيته عمه الشيخ علي العجاجي.
وفي هذه الأجواء نشأ الشيخ عبدالله العجاجي نشأة علم وصلاح واستقامة وحبًا للعلم والانشغال به فجلس على عدد من العلماء لطلب العلم وتلقي الدروس أبرزهم الشيخ عمر بن سليم. أحد أبرز علماء منطقة نجد في حينه.
ونظرًا لتميز الشيخ عبدالله العجاجي وسعة علمه ونظرًا لما تميز به من علم وصلاح فقد عرض عليه أن يتولى القضاء في جنوب المملكة العربية السعودية لكنه اعتذر عن قبول هذا المنصب. مفضلاً البقاء في مدينة بريدة.
الوجاهة:
كان الشيخ عبدالله العجاجي رجلاً اجتماعيًا من الطراز الأول لم يكن انطوائيًا أو منعزلاً ونظرًا لمكانته العلمية والاجتماعية ونظرًا لأنه حظي بمحبة المجتمع بكل شرائحه وفئاته. فقد حظي أيضًا بمحبة وثقة من ولاة الأمر..
فقد كان واحدًا من أهم رجال منطقة القصيم ومدينة بريدة تحديدًا وبأمر مباشر من الملك فهد بن عبدالعزيز فقد عين رئيسًا للجنة تثمين العقارات نظرًا لنزاهته وأمانته.
وبقرار من سمو أمير منطقة القصيم الأمير عبد الإله بن عبدالعزيز فقد كلف رئيسًا لمجلس أعيان مدينة بريدة، كما كلف وبأمر من أمير منطقة القصيم أيضًا نائبًا لرئيس لجنة صندوق تطوير مدينة بريدة حيث كان رئيس الصندوق سمو أمير منطقة القصيم.
هذا جزء من المهام الاجتماعية والوطنية التي كلف بها الشيخ العجاجي التي تعطي الدلالات الأكيدة على إخلاصه وثقة المسؤولين والمجتمع به وقد أدى الشيخ عبدالله هذه المهام وغيرها بكل إخلاص وظل باذلاً جهده وفكره وماله ووجاهته لخدمة وطنه ومجتمعه.. واستحق بالفعل محبة الجميع دون استثناء.
تأسيس الجمعيات:
كان الشيخ عبدالله بن محمد العجاجي في طبعه محبًا للخير وباذلاً للخير. وانفطرت نفسه الكريمة على البذل والجود ومساعدة كل محتاج.. وكل طالب مساعدة.. ولم يذكر عن الشيخ عبدالله العجاجي أنه رد أحدًا أو رفض مساعدة أحد وتتجلى أزهي وأجمل مواقفه الإنسانية حين كان يحرص كل شهر وبسرية تامة أن يضع في مصحف كل طالب محتاج من الطلاب حلق القرآن الكريم مبلغًا ماليًا مجزيًا ليكون مصروفًا للطالب ولأسرته يزيد المبلغ حسب ظروف كل أسرة.
وبهمة ونشاط وبذل وإخلاص تعاون الشيخ عبدالله العجاجي مع الشيخ عبدالله بن سليمان بن حميد لتأسيس جمعية تحفيظ القرآن الكريم ببريدة سنة 1383هـ حيث احضروا إلى بريدة المعلمين الأكفاء والمحفظين ووزعوهم على مساجد بريدة لتحفيظ القرآن الكريم.. مع تكفل الشيخ عبدالله العجاجي بكافة المصاريف المالية لهذا المشروع العلمي والخيري الكبير..
وتتواصل عطاءات الشيخ عبدالله العجاجي مع الجمعيات ويقوم ببذل سخي جدًا لجمعية البر الخيرية في بريدة أكبر الجمعيات الخيرية بمنطقة القصيم. ويتكلف أيضًا بمبنى الجمعية النموذجي.. الذي ما زال معلمًا مهمًا من معالم مدينة بريدة العمرانية.
كما تكفل الشيخ عبدالله العجاجي بإنشاء عدد من المساجد وحلق تحفيظ القرآن الكريم والمجمعات الخيرية الكثيرة داخل وخارج المملكة، كما لم تشغله ملاهي وملذات المال في حياته فقد حرص على البذل أيضًا بعد وفاته وأسس الأوقاف الخيرية وأوصى بالبذل والإحسان.. لتستمر عطاءاته حتى بعد وفاته -رحمه الله-
صفاته:
كان الشيخ عبدالله العجاجي -رحمه الله- صادقًا صدوقًا عفيفًا ويمتلك لبًا عامرًا بالحكمة والوقار والفطنة ولا بد من الوقوف هنا أمام محطة أخرى تستحق الإضاءة من محطات الشيخ العجاجي المتميزة وهي عفة اللسان. إِذ كان -رحمه الله- لا يقترب البتة من فاحش القول ولا يحب فضول الكلام ومثلما قيل: إن الكرم عز الدنيا وشرف الآخرة وخلود الذكر فإن اللسان هو كذلك ميزان وترجمان عقل الإِنسان.
ويبقى مثالاً يحتذى لأجيال المستقبل في كيفية العمل الدءوب من أجل إسعاد الناس.. حتى وفاته -رحمه الله- وستبقى أيادي أولئك الذين أزال وأزاح الشيخ عبدالله العجاجي عثراتهم ودعمهم في دروب الحياة الإنسانية تدعو له بالمغفرة والرحمة.
وفاته:
انتقل الشيخ عبدالله العجاجي إلى -رحمه الله تعالى- يوم الأربعاء الأول من شهر صفر لعام 1422هـ في مدينة بريدة، وقد صلي عليه جمع من المحبين له ولسيرته العطرة يتقدمهم صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن بندر بن عبدالعزيز أمير منطقة القصيم. وسمو نائبه صاحب السمو الملكي الأمير عبدالعزيز بن ماجد بن عبدالعزيز، تاركًا خلفه سيرة عطرة وتمثل فخرًا لكل أقاربه ومحبيه. وما تزال عدد من الجمعيات الخيرية تستذكر فضله وتقدر عطاءاته أبرزها جمعية البر الخيرية في بريدة والجمعية الخيرية لتحفيظ القراء في بريدة
وبموجب ذلك يستحق الشيخ عبدالله العجاجي التكريم والتقدير الخاص من أهالي بريدة وبعض الجهات المسؤولة فيها أن يتم تقدير عطاءات الشيخ عبدالله العجاجي التي لا حدود لها.
تتمثل أبرز ملامح التكرم التي يجب أن تمنح للشيخ عبدالله العجاجي أن يسمى أحد شوارع ومدارس بريدة باسمه تقديرًا له واعترافًا بجميله وعطاءاته وتقليدًا لذكراه.
وهذا أقل الحقوق التي يجب أن يمنحها المجتمع لهذا الرجل الكريم.
بقلم/ مهندس عبدالعزيز بن عبدالله - الجمعة - بريدة