د. عبدالواحد الحميد
الأمطار التي هطلت على بعض مناطق المملكة في الأيام القليلة الماضية كشفت من جديد مدى الخلل في تنفيذ المشاريع التنموية وضعف التواصل وهشاشة قنواته بين الأجهزة الحكومية الخدمية ذات العلاقة المباشرة بالمواطن، وهو أمر تعودنا عليه في جميع المرات التي هطلت فيها الأمطار على مدى السنوات السابقة.
وقد كان لافتاً تبادل اللوم والاتهامات بين بعض الأجهزة الحكومية في منطقة عسير بعد سقوط الأمطار هناك. وليس غريباً أن تحدث خسائر في الأرواح والممتلكات بعد وقوع ظواهر طبيعية عاتية، وإنما الغريب هو الوقوع في نفس الأخطاء المتكررة، وهذا ما حدث في منطقة عسير وبعض المناطق الأخرى في المملكة. بما في ذلك وفاة الطالب نواف الأحمري - رحمه الله.
الإدارة العامة للتعليم في منطقة عسير دافعت عن نفسها في وجه الانتقاد الذي وُجِّه إليها، بعد وفاة الطالب نواف الأحمري - رحمه الله- وقالت في بيان صحفي صدر عنها إن آلية تعليق الدراسة تقتضي أن تقوم الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة بإبلاغ مركز القيادة والتحكم في الدفاع المدني ووزارة التعليم وأن الوزارة لم تتلق تنبيهاً حديثاً بهذا الصدد وكل ما لديها هو تنبيه قديم. ولا يمكن اتخاذ قرار تعليق الدراسة بدون الاستناد إلى معلومات من الجهات ذات العلاقة. ويُفهم من هذا البيان أن وزارة التعليم تُبَرئ نفسها وتلقي بالمسؤولية على جهات حكومية أخرى.
أما أمانة عسير فقد واجهت الاتهامات التي انصبت عليها بقولها إن مديرية المياه بمنطقة عسير قد عرقلت مشاريع تصريف مياه الأمطار. ونفهم من هذا أن مسؤولية ما حدث تقع على مديرية المياه في المنطقة. لكن مديرية المياه في عسير ترفض الاتهام وتقول في البيان الصحفي الذي صدر عنها إن الأمانة هي المسؤولة عن تصريف مياه الأمطار ودرء مخاطر السيول وعدم السماح بإعطاء فسوحات البناء في مجاري الأودية والسيول داخل المدن والكتل السكانية الحضرية دون وجود عَبَّارات ومجار لتصريف المياه.
ومع استمرار مسلسل تراشق الاتهامات ومحاولة كل طرف إخلاء مسؤوليته، تبرز صورة مؤسفة لوضع الأجهزة الحكومية وفشلها في إيجاد حد أدنى من التنسيق فيما بينها لمواجهة الظروف الطارئة والكوارث الطبيعية حتى لو كانت مجرد سقوط أمطار وهو أمرٌ كان ينبغي أن يكون شيئاً عادياً ومتكرراً وليس في عداد الكوارث الطبيعية!
أما عن الفساد الذي تتعرض له المشروعات التنموية، فتلك قصة أخرى يعرفها عنها المواطن ربما أكثر مما تعرف الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد «نزاهة». ذلك الفساد الذي أدى إلى هشاشة بعض المشروعات التنموية على الرغم من ضخامة الأموال التي صُرفت عليها.