محمد بن علي الشهري
من المتعارف عليه - على مستوى العالم - أن المعيار الحقيقي على مدى أهليّة وأحقيّة هذا الفريق أو ذاك بحيازة صفة (الكبير)، إنما تتمثل في مدى قدرته على تحقيق بطولة الدوري والتوسّع في تحقيقها، لذلك احتاج الفريق النصراوي إلى عشرين عاماً من اللهث المضني في طلب ذلك الشرف.. كذلك الحال بالنسبة للفريق الأهلاوي الذي ظل يطارد ذلك الحلم على مدى ثلاث
وثلا ثين سنة، أي ثلث قرن من الزمان إلى أن عادا.. ولا بأس من الإشارة إلى ما واكب عودتهما تلك من (مهازل) نالت كثيراً من قيمة المنجز ومن جدارتهما بما تحقق؟!.
الملاحظ أن الهلال ظل هو المنافس الوحيد على بطولة الدوري خلال الأربعة مواسم الأخيرة التي حصل كل من الفتح والنصروالأهلي عليها، ولكنه عجز عن الظفربها لسببين، الأول: أنه لم يحظ بالدعم (المكشوف)، ولا أقول (المشبوه) الذي حظيت به تلك الفرق على كل المستويات، بل على العكس، إذ كثيراً ما استبيحت حقوقه لصالحها عياناً بياناً.. الثاني: أنه افتقد في الآونة الأخيرة إلى أحد أهم أسلحته الفعّالة في مواجهة الخصوم والتدابير معاً على المستطيل الأخضر، ذلك السلاح هو (روح وعنفوان الزعيم) الذي تميّز بهما طوال تاريخه، والمتمثل بقدرته على هزيمة المنافس والحكم.
المشهد يتكرر هذا الموسم بثبات الزعيم كالعادة في موقعه الريادي، ولكن ليس بصفته مجرد منافس فحسب، وإنما بصفته متصدراً للترتيب، وهنا يبرز السؤال المهم: ماذا ينقص الزعيم كي يستردّ بطولته التي عشقها وعشقته؟؟.
في المجمل لا شيء ينقصه بوجود ربّان السفينة الأمير نواف بن سعد على قمة الهرم الإداري بما يختزنه من خبرات وحنكة إدارية عريضة، ووجود العالمي رامون دياز على قمة الهرم الفني.. بوجود كوكبة من النجوم الذين يشار لهم بالبنان، ما يعني أن أدوات النجاح وبلوغ الهدف متاحة ومتوافرة، شريطة استعادة سلاحه المفقود (روح وعنفوان الزعيم).
التحكيم، التحكيم، التحكيم؟!!
منذ أربعة مواسم ولا حديث يعلو على الحديث عن شؤون وشجون التحكيم المحلي عبر وسائل الإعلام المختلفة بشكل ممل، وإن شئت فقل: سامج، المشكلة في تصوري ليست في كثرة الحديث والأخذ والرد حول مشكلات التحكيم، بقدرما هي في كون الحديث عنه بهذا القدر الموسع له ما يدعمه ويبرره على أرض الواقع استناداً إلى الكوارث التي يرتكبها الحكام؟!.
هنا لا حاجة بي إلى الدخول في متاهة (مَن الأول: البيضة أم الدجاجة؟) فكلنا يعلم لماذا، وكيف، ومتى بدأت الحملة الرامية إلى إسقاط التحكيم منذ عقود، ومن هوقائدها وعرّابها؟!!.
على أن أكثر ما يثير الاشمئزاز، ويدعو للسخرية هو أن معظم من يتصدّون للحديث عن مشكلات التحكيم عبر البرامج المتلفزة، يكثرون من (اللّت والعجن) حول جزئيات معظمها نتاج بعض الأسباب والأفعال التي يتحاشون الحديث عنها ولو تلميحا، مثل جلوس رؤساء الأندية على دكة البدلاء، ناهيك عن تداخلهم مع الحكام والاحتكاك بهم، وعن الدخول إلى أرض الملعب، وما يسببه ذلك من إرباك وضغوط رهيبة على الحكام ما يدفعهم إلى ارتكاب الأخطاء الجسام على طريقة (اليد اللي ما تقواها صافحها)، ولاسيما إذا كان أولئك الروساء ممن يتمتعون بأعلى صفة اعتبارية في المجتمع، هذه المعضلة التي عجزت المرجعيات الرياضية العليا المتعاقبة عن وضع حل لها؟!.
وبما أن الشيء بالشيء يذكر، وبما أن الحديث مازال عن المعضلات التي ساهمت بفاعلية في السقوط الذريع لتحكيمنا.. فلا مناص من إعادة التذكير بإحداها وهي السوء المتعاقب في اختيار العناصرالقيادية للجنة الحكام، سواء بقصد أو بدون قصد، وهو ما تناولته هنا في أعقاب (الفضيحة الدلهوميّة) تحت عنوان (انتظروا الهويش رئيساً)، أشرت من خلاله إلى أن معظم من تعاقبوا على قيادة اللجنة على مدى عقود، هم من أفشل وأسوأ الحكام الذين أداروا المباريات عندما كانوا يمارسون التحكيم، لذلك فمن الطبيعي جداً أن يلازمهم فشلهم على اعتبار أن فاقد الشيء لا يعطيه، والأمثلة على ذلك أكثر من أن نحصيها.