وأحسن أخلاق الفتى وأجلها
تواضعه للناس وهو رفيع
من الناس من يأسرك بلطفه، وبحلو منطقه منذ أول وهلة، وهذه الصفات الحميدة هبة من المولى جل ثناؤه يهبها لمن يشاء من عباده المخلصين، فأبو فهد صاحب السمو الملكي الأمير المحبوب مقرن بن عبدالعزيز من الموهوبين، ومن أولئك المغبوطين، راجين له حياة سعيدة، وعمراً مديداً على أحسن حال. فبينما كنت أتصفح الصحف اليومية خلال يوم الخميس 12-5-1438هـ إذا بخبر افتتاح جامعة الأمير مقرن بن عبدالعزيز بالمدينة المنورة؛ فشخصت بي الذاكرة إلى المقابلة الصحفية التي أجريت مع سموه في المجلة العربية منذ ما يقارب ثلاثين عاماً، التي كان يرأسها الأستاذ الصديق حمد بن عبدالله القاضي. وأذكر أني اغتبطت ببلاغة الأسلوب، والإجابات السديدة التي تنبئ عن سعة آفاق المعرفة لديه، والتروي من حياض علوم اللغة العربية وآدابها..
فلم أر بداً من بعث رسالة خطية لسموه مبدياً سروري بحسن إجاباته التي لا تستغرب على أمثال -أبي فهد-، فأجابني مشكوراً برسالة هي الأولى من رسائله بتاريخ 22-11-1409هـ.
كما أجابني على رسالة بعثتها له شاكراً ومقدراً حينما علمت عن تبرعه بأحد أعضائه لمن احتاج إليها بعد رحيله عن الدنيا، وهذا منتهى الإيثار والتماس مضاعفة الأجر من رب العباد، حيث رد علي بخطاب في 18-10-1410هـ قائلا: ليس التبرع بالأعضاء بمستغرب وجوده في المجتمع الإسلامي -متعه المولى بكامل الصحة والسعادة-. كما أنه وهو في الولايات المتحدة هاتفته للاطمئنان على صحته، حيث عمل بعض الفحوصات الخفيفة هناك، وقد مكث فترة من الوقت، فضمنت بعض رسائلي بهذين البيتين، أولهما:
المرء يسرح في الآفاق -مغترباً-
ونفسه أبدا تتوق إلى الوطن
والبيت الآخر:
ما من غريب وإن أبدى تجلده
إلا تذكر عند الغربة الوطن
فلست بغريب أبا فهد، كما أن مسارب النجوم لا تنكرك، ومعلوم أنه طيار ماهر منذ مقتبل عمره، فلقد تلقى تعليمه في معهد العاصمة النموذجي، ثم أكمل دراسته في علوم الطيران في المملكة المتحدة، بعد ذلك التحق بالقوات الجوية الملكية السعودية حتى عام 1400هـ، إذ في ذلك العام عين أميراً لمنطقة حائل حتى عام 1420هـ، وبعدها عين أميراً لمنطقة المدينة المنورة، وفي عام 1426هـ عين رئيساً للاستخبارات العامة حتى عام 1433هـ، ثم عين مستشاراً للملك ومبعوثاً خاصاً له، وفي عام 1434هـ عين نائباً ثانياً لرئيس مجلس الوزراء، كما تمت مبايعته ولياً للعهد، ونائباً لرئيس مجلس الوزراء، فهو حفظه الله ينتقل من قمة إلى قمة أعلى، حتى أخلد للراحة بعد مشواره الطويل المشرف في خدمة وطنه وتسنم المراتب العالية، حميدة أيامه ولياليه، كما أن نشاطه الخيري والاجتماعي ما زال يرعاه في كثير من المواقع. وفي يوم الثلاثاء 17-5-1438هـ يفتتح الأمير مقرن بن عبدالعزيز جامعة الأمير مقرن بن عبدالعزيز بالمدينة المنورة، وذلك بحضور الأمير فيصل بن سلمان بن عبدالعزيز أمير منطقة المدينة المنورة، إذ يتوجان حفل الافتتاح ونشر الفرحة والبهجة في نفوس المواطنين وأبنائهم، وما من شك أن تعدد الجامعات وتنوع التخصصات بكلياتها مطلب وجيه ومفيد جداً لسد حاجات المؤسسات الوطنية والمدارس من الموارد البشرية وخلافها من الجهات الأخرى...، فهو الرئيس الفخري للجمعية العلمية السعودية للمعلوماتية الصحية، وغيرها من الجمعيات الخيرية والإنسانية، فقد طبعه المولى على رحابة الصدر وحب الأعمال المباركة التي يعم نفعها على الوطن وأبناء مجتمعه. ويقال: إنه قد وظف جزءًا من ماله في الأعمال الخيرية مثل العطف على المساكين وعلى الأيتام والأرامل، وإنه يساهم في الأمن الغذائي باهتمامه في الزراعة وبإنتاج التمور من نخيله بمنطقة الرياض التي يربو عددها على أربعة آلاف نخلة، يوزع محصولها السنوي على فقراء الدول العربية والإسلامية خارج الوطن. كذلك المحاصيل الزراعية من القمح توزع على المحتاجين داخلياً وخارجياً ابتغاء مضاعفة الأجر من الله سبحانه وتعالى، وكأن لسان حال الجميع يردد هذا البيت:
ستلقى الذي قدمت للنفس محضراً
فأنت بما تأتي من الخير أسعد
مع صادق دعواتي لك أبا فهد بأن يمتعك الله بالصحة التامة، وصلاح العقب، وطول العمر وسعادة الدارين:
فاسلم ودم أيها الأمير مبتهجا
وخذ من العيش أصفاه وأضفاه
- حريملاء