خالد بن حمد المالك
قيل قديماً «ليس من رأى كمن سمع»، ولقد رأينا في الحد الجنوبي من قواتنا الباسلة المرابطة في نجران ما لم نسمع به، وبأكثر مما كنا نتوقعه من حيث السيطرة على أمن الحدود، والجاهزية العالية لمواجهة العدو وهزيمته إذا ما فكر أن يقترب من الحدود، أو راودته نفسه بالتسلل إلى أراضينا المحصنة بالرجال الأشداء، والتجهيزات العسكرية المتطورة، ما جعلنا ونحن نقف على الاستعدادات ندرك أن الجبهة الجنوبية مؤمَّنة بأكثر مما نحتاجه أمام عدو ضعيف يفتقر إلى التدريب، وإلى القدرة القتالية، ولا يمتلك التسليح، ما جعله مكشوفاً وفي مرمى نيران القوات السعودية، رغم تعقيدات الأرض الجبلية التي يحتمي بها بانتظار مصيره المجهول.
* *
لقد أحسن الزميل الإعلامي النشط جاسر الجاسر، مدير القناة الإخبارية، في التنسيق مع قيادة حرس الحدود لتنظيم رحلة للإعلاميين للتعرف عن قرب على الوضع القتالي على الحد الجنوبي من مواقع الجيش والحرس الوطني وحرس الحدود، وكان حرس الحدود قد جهز لهذه الرحلة الإعلامية كل التسهيلات التي مكَّنت الإعلاميين من أن يطلعوا على الوضع الطبيعي من خلال زيارة المواقع المتقدمة لقواتنا المسلحة والحرس الوطني، بالإضافة إلى حرس الحدود، دون أن نرى أي ظهور لقوات الحوثي والمخلوع، حيث كانوا على ما يبدو حذرين أمام يقظة وإمكانات وشجاعة رجالنا البواسل هناك.
* *
كثيرون ممن لم تُتَح لهم الفرصة، أن يزوروا تلك المواقع، ولم يجتمعوا ويتحدثوا مع العيون الساهرة هناك بكل أفرع القوات المسلحة في الدفاع والحرسين الوطني والحدودي لا يمكن أن يتصوروا مستوى الكفاءة والقدرة العسكرية التي يتمتع بها المرابطون هناك، والاستعدادات والتضحيات التي هي جزء من عقيدتهم، والثقة بالنفس التي هي سمة أحاديثهم، والشجاعة التي تميزهم في قتالهم عدوهم، ما يعني أننا كنا ولا نزال أمام ملاحم بطولية، كرست الأمن في البلاد وعلى الحدود، وأفشلت المخططات الإيرانية ومن يقف وراءها من العملاء في الداخل والخارج.
* *
الصور التي رأيناها، والمشاهد التي كانت أمام أنظارنا، والمعلومات التي تزودنا بها، والأسلحة التي يمتلكها رجالنا، ويستخدمونها بكفاءة عالية رغم تعقيداتها وتقنياتها، هي ما حيَّر العدو، وأجبره على أن يسلِّم ثمانين بالمائة من الأراضي التي احتلها الحوثيون وميليشيات علي صالح إلى الجيش الوطني اليمني المدعوم من قوات التحالف، وعلى رأسها المملكة، وهذا ما اضطره أيضاً إلى أن يقلل من عمليات التسلل التي كان يقوم بها إلى أراضي المملكة، وأيضاً من أن يتراجع في إرسال صواريخه باتجاه المدنيين بعد أن شعر بأنه يتم التعامل معها وإسقاطها قبل أن تصل إلى الحدود السعودية، وأنها بلا قيمة أمام اكتشافها لحظة إطلاقها وتدميرها بالجو.
* *
لقد كانت رحلة ممتعة، لم نشعر أننا في جبهة عسكرية، وأننا في مواقع عسكرية متقدمة، وأن أمامنا عدواً ضعيفاً انضم إليه عدد من المرتزقة والعملاء ليساعدوه في العبث بأرض اليمن فساداً وقهراً للمواطنين الشرفاء، مع محاولات يائسة لأن يمتد أذاهم إلى أراضي المملكة، فعرفنا من المشاهدة والسماع والجولة المفتوحة أننا أمام نصر قريب للشرعية في اليمن، وأن حدودنا محصنة بالرجال الأشاوس، وبالقدرات العسكرية الهائلة، وبالاستعدادات والجاهزية لكل الاحتمالات، صمود حتى النصر، لا استرخاء، جاهزون للمواجهة، مصممون على إعطاء العدو درساً في فنون القتال، بكل الأسلحة المتطورة التي لم يسمع بها، ولن تكون إلا النار التي تحرقه في مكانه كلما همَّ أو فكَّر بالتسلل إلى أراضينا المحرمة، هكذا حدثونا، وهكذا كان انطباعنا.
يتبع