د. صالح بن سعد اللحيدان
بيّنت في الجزء السابق من هذه المجلة السامقة من يوم 4/ 5/ 1438 تحت هذا العنوان ما يحسن التنبه إليه في خضم طغيان الثقافة المطلقة والأيديولوجيات المتنوعة في وسط يحتاج فيه العلماء وغيرهم من اللغويين والنقاد وصناع الأدب إلى تأصيل وضبط أصول العلم بعيدًا عن عجلة الطرح دون هذا وذاك. وهنا أبيّن ما يلزم التنبه إليه من ضوابط اللغة ومراميها بجانب النحو، ويظهر لي أنه حتى يكتمل العقد فإنه من ضرورة تغذية العقل العلمي أن يعاد إلى ما كنت قد أشرت إليه بشيء من طول النظر. وهنا أبيّن بعضًا مما رأيت أن يكون تكملة لما سبق فأقول - وبالله جل وعلا التوفيق - وأبين ما يأتي:
1/ لم يظهر لي بسند صحيح أن أبا الأسود الدؤلي الذي توفي سنة 67 هو من وضع بدايات علم النحو. نعم هناك روايات، لكنها تحتاج إلى سند صالح، ولم أعثر - حسب تطاول بحثي في علم الأسانيد والجرح والتعديل وأساسيات نشأة اللغة ونشأة النحو - أن الأمر كذلك.
وكل هذا لا يقدم ولا يؤخر شيئًا ذا بال؛ فعلم النحو وعلم اللغة معروفان عن طريق الاستقراء والتتبع المكيث لتاريخ النشأة.
2/ الخليل بن أحمد الفراهيدي إمام في اللغة وأصول النحو، وهو - حسب تحليلي النفسي لشخصيته - من ذوي العقول الصافية، وله حسن تصوُّر جيد، وسلامة آلة ذهنية عالية الاستقراء، وكان كثير الصمت، شديد الحياء، بعيدًا كل البعد عن العناد وسوء الخلق في الرد أو النقاش. والفراهيدي توفي سنة 175، وجاء في زمن نهضة هذه الأمة المسلمة رواية ودراية، وكان قد تتلمذ على العالم المحدث الذي روى له المحدثون الإمام أحمد بن سلمة، وهو ثقة ثبت حجة؛ فاكتسب الفراهيدي منه حسن التلقي والسمت والدل وجودة استنطاق الآثار.. وقد تقدم على ما سواه في وضع أسس علم اللغة والنحو، بل هناك من قال إنه من وضع أصول علم النحو؛ إذ استفاد من حماد بن سلمة وغيره من علماء الحديث.
3/ اللغة والنحو مثلهما مثل علم الحديث وعلم أصول الفقه وعلم الطب، كلها من صفات العقل الحر المستقر على الفطرة والصواب مما تقبله العقول وتقره السجية وطبيعة الخلق.. تلك التي تقود صاحبها إلى الحق دون افتراضات خيالية أو تخيلية تؤدي بصاحبها إلى اللامنظور؛ فيتيه بغياهب الظنون والوساوس؛ ولهذا إذا لم يكن الإنسان لديه استعداد عقلي لعلم النحو أو اللغة أو الحديث فإنه هنا قد يميل إلى كثرة الطرح ومجرد النقل والعرض دون إضافات نوعية، إنما مجرد الخطاب المباشر، وهذا اليوم شبه منتشر.
4/ اللغة دون شك هي أرض العلم، ولا يستقيم العلم إلا من خلالها. وعلم دون لغة ليس بعلم؛ ولهذا لما جاء الإسلام وحرر العقل من رباط العصبية وتوجهات الاعتزاز الضيقة توسعت اللغة، وانتقلت من حياض جزيرة العرب إلى آفاق الأرض، حتى لقد تعلق بها وتولع كثير من المسلمين؛ فجددوا في آفاقها وزواياها..
وهذا أمر مشهود في أسفار الأولين وطرس الآخرين.
5/ لعل السبب في وقوع كثير من الاجتهادات العلمية واللغوية والنقدية الخاطئة مع وجود مراكز وهيئات ومجالس علمية ولغوية.. لعل السبب يعود إلى العجلة في حب الوصول إلى النتيجة، كما يعود إلى كثرة النقولات والإيرادات. هكذا دون تأنٍّ وطول بال مكين.. فقط الذي لاحظته هو الترجيح لقول على قول، ورأي على رأي، وليس ثمة رأي اجتهادي لم يسبق إليه؛ وهذا ما جعل العقل يغيب جزئيًّا، وتحل محله العاطفة.. حتى لقد حدثني بعض الدارسين في كثير من الجامعات العربية أن بعض المدرسين إنما يلقون المحاضرات مكررة دون توثيق لما ينقلونه، خاصة قواعد وأصول العلم، مثل اللغة والنحو والبلاغة، وكذا علم أصول الفقه والإدارة والطب.. وهذا يجعل كثيرًا من الطلاب بضاعتهم مزجاة. أقول {ولا ينبئك مثل خبير}.
6/ ولهذا أرى على وزارات التعليم والمعنيين من العلماء المسؤولين - حسب تجربتي واستقرائي لتجديد كبار العلماء، كصاحب المغني وصاحب المحلى وصاحب المجموع (أعني النبوي)، وكذا السرخسي صاحب المبسوط، وكذا القرافي والمازري وابن فرحون والشاطبي وابن حجر والعيني والسيرافي وابن رجب - أنه لا بد من تفعيل العقل للإضافات السبقية النوعية شيئًا فشيئًا حتى لو تأخرت كثير من البحوث والدراسات العلمية؛ ذلك أن التجديد النوعي والقفزات السبقية هي - دون شك - محط النظر في العصر الحديث.
... ... ...
البريد الخاص
إبراهيم بن نوفل بن عيدي الرشيدي السودان أم درمان
قلت فيما سبق في عدد سلف إن الرشايدة لعلهم يعودون إلى قبيلة عبس، وليس هذا جزم مني.
حصة م م جامعة الملك سعود الرياض
الذي تسألين عنه لا أعرفه تمامًا، لكنه يعرض عرضًا وفيما يكتب أرى أن فيه خيرًا، لكنه لا يفيد في باب الإضافات.
محمد بن زكي بن سارا خيري جدة حي النسيم
فيما أعلم - وحسب اطلاعي - فإن الإمام السيرافي هو من أفضل مَن شرح (كتاب سيبويه)
هيفاء بنت مقداد محمود بيومي أم زاهر مصر المنيا العرين القبلي
نعم، الإمام البخاري زار مصر مرتين، ولقي الإمام عبدالله بن يوسف التنيسي. ولعل ذلك كان قديمًا، واستفاد من هذا الإمام كثيرًا، ولعله روى له أكثر من 60 رواية.
سعيد بن باجم الجعبري العراق الموصل
ياسر الحبيب هو من الكويت، لكن جده الخامس من إيران