نادية السالمي
«الماضي حصن من لا حاضر له، ولا مستقبل» هذا قول مصطفى حجازي، وإذا أردنا الاستفادة من هذه الجملة حتمًا «لإذا الشرطية» مكانة يجب وضعها، ولا بُد من الوقوف عندها، فكيف نستفيد من قوله ونتجاوزه بما يليق بإيماننا بالماضي دون إخلال بالحاضر والمستقبل، فالأمة التي تُضيّع تاريخها تضيع؟!
الجنادرية خير مثال نأتي بها كل عام تقريبًا، لتأتي محملة بعبق من رحلوا وتركوا وراءهم دليل وجودهم وتفاعلهم مع البيئة التي عاشوا فيها، فنعرف نمط عيشهم داخل بيوتهم، حرفهم وطرق كدهم، مأكلهم ومشربهم، فنأخذ عنهم دروسًا يجب أن يدركها الجيل الحالي والقادم فكانوا لا يأكلون، ولا يلبسون إلا من عمل أيديهم، الفقر علمهم معنى الصبر، والادخار وقيمة الوطن والمحافظة عليه، تعطي الجنادرية دروسًا وعظة وعبرة لها معان سامية لكنها لا تكفي وسنقع في شراك قول الأكاديمي المفكر «مصطفى حجازي» المعلقة في أعلى المقال فماذا نفعل بالجنادرية والعالم يتقدم والمستقبل ينمو باتجاه التطور؟!
يجب أن تضم الجنادرية جناحًا جادًا حازمًا للجديد الذي أنتجناه، أو برعنا فيه، أي منجز، أو اختراع ذا قيمة للوطن أو للعالم في الاقتصاد، والسياسة، أو الطب أو الهندسة، وإنجازات نساء الوطن -فالمرأة شريكة وتنجب الشريك، والعالم يتحدث عن جهودهن في شتى المجالات-، أيضاً جهود قوات الأمن، كل هؤلاء يجب أن يعرف الزائر سيرهم، وإنجازاتهم وأهميتهم وكيف تم الإنجاز، وكيف تمت الاستفادة منه لأن هؤلاء هم الماضي للجيل الحالي والقادم فيعرف الجيل، ويعترف من خلال المقارنة بين الماضي والحاضر أننا لم نتكل على الماضي، لم نكتفِ بالثروة النفطية، بل نسعى لعمارة الأرض بما يتناسب مع منظومتنا الاجتماعية وتعاليم ديننا.
استضافة أي بلد عربي وغير عربي، فكرة جميلة، واستضافة الشقيقة مصر هذا العام خطوة تصب في صالح الجميع، وبادرة حسنة، وأرجو من الوفد المصري المشارك أن ينقلوا في قنواتهم، وندواتهم عن بلادنا أن لها حضارة سابقة خاصة بها، وحضارة لاحقة تُبنى على سواعد أبناء هذا الوطن، فالجزيرة ما كانت أسيرة للهامش يومًا ما ولن تكون، ولو كان من ضمن الوفد الدكتور «يوسف زيدان» لكان هذا أفضل ليشهد على نفسه، قبل أن يشهد لحضارتنا وتواجدنا.
عزيزي زائر الجنادرية:
الجنادرية ليست رحلة تقوم بها الأسرة من أجل النزهة، الجنادرية إحياء للماضي، لينشط الحاضر ويستعد للمستقبل، مهرجان ثقافي تعليمي، فاستوصي بالماضي والمستقبل خيرًا ففي هذا صالحك وصالح الجيل القادم.