فيصل أكرم
الشاعرية إحساس ينعكس على أسلوب حياة بأكملها، وهي صفة لم أعنها هنا، إنما عنيتُ الشعر بمفهوم شكله ومضامينه كما نعرف (الإيقاع) يأتي أساساً.. أمّا النثر فيحتمل أشكالاً عديدة فيها من الفن والإبداع ما يجعلك تطرب له وإن من دون إيقاع. إنه (التماهي) حين يتماهى (العاقلُ) مع (العاقلِ) فهو لا يريد امتلاكه، بل يريد أن يكونه.
حديثي هنا عن ديوان نثريّ جميل الشكل صغير الحجم أمّا المضمون فسأقتطف منه:
(متكئاً على خسارتي
رأيتُ بكائي
... يبكي
وعندما زار الفرحُ
قلبي...
أخجلني ضيقُ المكان)!
على الغلاف مكتوب (شعر) واسم الشاعر (عبد الله العلوي كمال) وفي الديوان مقدمات وشهادات في غاية العذوبة تتحدث بإعجاب عن هذا الإبداع والمبدع، والصراحة أنني حين قدّم لي الصديق الناشر غريب أحمد (كلمات عربية للنشر) نسخة من هذا العمل المعنون (هدوء في إيقاع النرجس) لم أعط اهتماماً له إثر لمحة خاطفة ألقيتها على سطر من إحدى صفحاته تبين لي خلالها أنه يخلو من الإيقاع.. هل أنا أؤمن أن لا شعر بلا إيقاع؟ وهل أنا لا أعترف بكل ما يُكتب تحت مسمى (قصيدة نثر) بأنه شعر؟ بالطبع لستُ في غفلة إلى هذه الدرجة، فقصيدة النثر انتزعت ما يكفيها من الشهادات والاعترافات بأنها شعر، ومبدعوها يُعرفون بأنهم شعراء.. منذ خمسين عاماً وأكثر؛ وما أكثر (النثريات) بين قصائدي!
إذاً، فهذا الديوان (النثريّ) يحتوي قصائد عظيمة، أقتطف من بعضها (قناع البراءة):
(لو كان قلبي معكَ
أتكذبُ..
وتمنح الإنسانية تفاحة الخطيئة؟
أم تراك تتداخلُ في ماء المغفرة،
لتغسل ماضيك المشبوه..
كنزيلٍ غريب..
في فندقٍ رخيصٍ، بمدينةٍ بعيدة)؟!
ويقول، في ختام قصيدة أخرى عن الظل والجسد:
(سأصافحها بحنان
وستصافحني بحنين
لأن طين يدي
يحبّ ماءَ يديها
ولأنها وحدها
تدرك فلسفة الغواية
بين جسدي – الموجة
وجسدها – الشاطئ...).
وفي (دم التوت) يقول:
(أنا من برج الدلو
رأيتُ إخوتي حولَ البئرِ،
فالتصقتُ بوالدي،
كأظافر اليد...
وكيلا تشرّدني الجهاتُ،
ويُتهم ذئبُ البرية
بدم التوت على قميصي...
دعوتُ لإخوتي
بالوسامة وبالوداعة
وبأن تلمع عيونهم كالقطط السيامية)!
عبد الله العلوي كمال، أديب مغربي واعد، من مواليد مراكش سنة 1988 وإني أراه يمتلك أدوات الكتابة والإبداع بقدر يستحقّ الإعجاب والإشادة.